الدكتور/ حسين النجار – خبير مصرفي
شهد القطاع المصرفي عموما والخدمات المصرفیة بشكل خاص تطورا ملحوظا بسبب دینامیكیة البیئة المصرفیة، ودفع بالكثیر من المصارف إلى تبني أسلوب إدارة الجودة الشاملة, مما يسمح لها بالاستمرارية وتعزيز قدراتها التنافسية في البيئة المصرفية.
وأصبح تحسين وتطوير الخدمات المصرفية ضرورة حتمية تنبع من الظروف المتغيرة والتحولات التي شهدها العالم، وعلى رأسها المنافسة القوية، بالإضافة إلى وجود العديد من محفزات التطوير الأخرى، كالفرص والتهديدات المرتبطة بالتطور الهائل في مجال الاتصالات والمعلومات، وارتفاع تطلعات العملاء حيث صارت جودة الخدمة هي المعيار الأساسي لتحقيق ولاء ورضا العملاء.
وتعني الجودة الشاملة التطوير والمحافظة على إمكانية تحسن الجودة بشكل مستمر بما يحقق الوفاء بمتطلبات المستفید.
أي انها تتضمن البحث عن الجودة في أي مظهر من مظاهر العمل ابتداء من التعرف على احتياجات المستفيد وانتهاءا بتقییم مدى كون المستفيد راضياً عن الخدمات أو المنتجات المقدمة له.
وتنبع أهمية الجودة الشاملة كونها منهج شامل ومتكامل یتمتع بالمرونة والقابلیة على التغییر, وإن التزام المصرف بتطبيقها مكنها من تغيير سلوكيات أفرادها تجاه مفهوم الجودة ورفع من درجة اهتمام العاملون بالعمل الجماعي وروح الفريق، كما أزاد من ارتباطهم بالمنظمة وانتمائهم لها, وهذا يساهم في وضع إستراتيجية تنافسية متكاملة لتطوير عمل المصرف.
دوافع تطبيق إدارة الجودة الشاملة في المصارف:
1.نمو مجال الخدمات:
تزايد أعداد المنظمات التجارية التي تقدم الخدمات أكثر من أي وقت مضى، فعلى سبيل المثال نصف منظمات الأعمال التجارية الأمريكية يتعلق نشاطها بالخدمات، إضافة إلى أن نمو المنظمات ذات الصلة بالخدمات مازال مستمرا بالتوسع.
2.إزدیاد حدة المنافسة:
ان توفر الجودة في الخدمات المقدمة إلى عملاء المصرف یعتبر عاملا أساسيا في تطوير قدراته التنافسية, حيث أصبح مصیر أي مصرف مرهون بقدرته على المنافسة.
3.تزاید مطالبة العملاء بتحسین الخدمات المصرفیة:
بالنظر لتوفر عدد كبیر من المصارف والمنظمات المالیة، أصبح العملاء یدركون بأنهم في سوق تسعى وراء المشترین، لذلك أصبحوا یطالبون المصارف الذین إختارو التعامل معها بتحسین مستوى الخدمة المقدمة إلیهم.
هناك عدد من المتطلبات يجب توافرها لتحقيق الجودة الشاملة:
1- دعم القيادة لمفهوم الجودة الشاملة: ويقتضي هذا تتبنى الإدارة العليا للمنظمة مفهوم إدارة الجودة الشاملة وذلك بخلق مناخ ايجابي مؤيد لقبول المفهوم.
2- تهيئة مناخ العمل وثقافة المصرف: وهنا على الإدارة العليا أن تقوم ومنذ البداية بإعداد الموارد البشرية بالمصرف على مختلف المستويات نفسيا لتقبل فلسفة إدارة الجودة الشاملة وفهمها والاقتناع بها.
3- العنصر البشري: ترتبط هذه المتطلبات بضرورة الاهتمام بالعنصر البشري وتطويره والاهتمام باختيار العاملين بالمنظمة وتدريبهم وتحفيزهم.
4- قياس الأداء: من الضروري توفر نظام قادر على قياس الدقيق للأداء لتأكيد مدى نجاح أو فشل إدارة الجودة الشاملة في تحقيق أهدافها
إن أخطر المعوقات أمام نظم إدارة الجودة هو الهدف من تطبيقها، بمعنى لماذا قررت الإدارة العليا البدء في تطبيق نظام الجودة؟ هل بغرض الحصول على الشهادة الدولية وما يصاحبها من مزايا تسويقية؟ أم الهدف الارتقاء بمستوى المؤسسة ككيان وأفراد لمصاف المؤسسات العملاقة وسيكون نظام الجودة أحد الطرق لبلوغ هذا المصاف؟
المسلك الأول سيكون أكبر العقبات أمام التطبيق الحقيقي لنظام أو نظم الجودة، لأن الحصول على الشهادة هدف سهل وسينتهي دعم الإدارة العليا للمسئولين عن الجودة بتحقيق هذا الهدف، بينما المسلك الثاني يعنى أن هناك إستراتيجية للمؤسسة وإدارتها العليا لن تتوقف قبل وصول المؤسسة وأفرادها لدرجة عالية من النضج في تطبيق نظم الجودة بشكل جاد وفعال حتى تصبح الجودة هي الثقافة السائدة لمعظم أفراد المؤسسة في جميع المستويات الإدارية.