شريف عز – استشاري تطوير أفراد
تُستخدم مراكز التقييم لعدة أغراض رئيسية في المؤسسات، منها اختيار وتحديد المواهب، وتخطيط التعاقب الوظيفي، ووضع خطط التطوير، وتقييم الأداء، وتحديد احتياجات التدريب والتطوير، وهي مصممة لتقييم مهارات وكفاءات المرشحين من خلال تمارين مختلفة. يعد تمرين العرض التحليلي أحد التمارين الهامة التي تساعد في قياس جدارات الأفراد أثناء مركز التقييم. يقيم هذا التمرين قدرة المرشح على تحليل البيانات، وبناء حجة متماسكة وتقديم النتائج بشكل فعال. أتناول معكم فيما يلي الجوانب الرئيسية لهذا التمرين، بما في ذلك التحضير والتنفيذ والجدارات التي يقيسها التمرين.
يتضمن تمرين عرض التحليل عادةً تلقي مجموعة من الوثائق أو البيانات المتعلقة بسيناريو عمل محدد. يتم منح المرشحين قدرًا محددًا من الوقت لقراءة البيانات والمعلومات وتحديد القضايا الرئيسية ثم إعداد عرض يوضح تحليلهم وتوصياتهم. تم تصميم هذا التمرين لمحاكاة المواقف الحقيقية التي يمر بها معظمنا في حياتنا العملية والتي تتطلب استيعاب المعلومات بسرعة وتوصيل الرؤى لأصحاب المصلحة.
على سبيل المثال يقيس التمرين التفكير التحليلي والذي يتطلب من المشارك إثبات قدرته على غربلة المعلومات المعقدة وتحديد البيانات ذات الصلة واستخلاص استنتاجات منطقية، يتضمن ذلك التفكير النقدي والقدرة على تحديد أولويات المعلومات بناءً على أهميتها للسيناريو المطروح. ويقيس التواصل والذي يتطلب من المشارك تقديم رؤاه بوضوح ودقة، والتأكد من أن جمهوره يفهم النقاط الرئيسية، ويشمل ذلك كل من التواصل اللفظي واستخدام الوسائل البصرية مثل الشرائح أو المخططات. ويقيس إدارة الوقت؛ يتضمن ذلك فهم المعطيات بسرعة، والتخطيط للعرض، والتقديم في إطار الوقت المحدد. كما يقيس اتخاذ القرار؛ فغالبًا ما يتطلب التمرين من المشاركين تقديم توصيات بناءً على تحليلهم. يختبر ذلك قدرتهم على اتخاذ قرارات مستنيرة وتبرير اختياراتهم بأدلة من المعطيات. كما يقيس الثقة والهدوء؛ يعد العرض تحت الضغط جانبًا رئيسيًا من التمرين. يجب أن يظل المشاركون هادئين وواثقين، حتى عندما يواجهون أسئلة صعبة من المقيمين.
يعتبر ما سبق ذكره الجدارات الرئيسية التي يقيسها تمرين العرض التحليلي لكن ذلك لا يمنع من أن التمارين المختلفة قد تقيس حزمة مختلفة من الجدارات.
ينقسم التمرين إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: هو التحضير والذي يتضمن فهم المعطيات عن طريق قراءة التعليمات بعناية، وفهم ما هو متوقع وتحديد الأهداف الرئيسية للتمرين، وتحليل المعطيات بسرعة ولكن بدقة للبحث عن الأنماط والتوجهات والمعلومات الرئيسية التي ستشكل أساس تحليلك، وهيكلة العرض التقديمي بتنظيم النتائج التي توصل إليها المشارك في هيكل واضح ومنطقي.
القسم الثاني: هو التقديم والذي يتضمن تعزيز العرض التقديمي باستخدام الوسائل البصرية مثل الشرائح والرسوم البيانية والتحدث بوضوح والحفاظ على التواصل البصري وإدارة الوقت بشكل فعال.
القسم الثالث: يتضمن طرح المُقيِّم بعض الأسئلة الاستقصائية لاستيضاح بعض النقاط أو الحصول على صورة أشمل لتوصيات المشارك.
في بعض الأحيان يقع المشاركون في بعض الأخطاء أثناء التمرين والتي يجب تجنبها مثل القلق والتوتر؛ من الطبيعي أن يشعر المشاركون بالتوتر عند تقديم عرض أمام الجمهور، ولكن يمكن التغلب على هذا الشعور من خلال التدريب الجيد والتنفس العميق قبل العرض، الإفراط في إعطاء المعلومات؛ يجب على المشاركين التركيز على النقاط الأكثر أهمية والتأكد من وضوح عرضهم وتجنب تضمين الكثير من المعلومات في عرضهم التقديمي، وسوء إدارة الوقت؛ يمكن أن يمثل نفاد الوقت مشكلة كبيرة، لذا يجب على المشاركين الانتباه للوقت المخصص للعرض، والافتقار إلى الهيكل أو التنظيم؛ يمكن للعرض التقديمي غير المنظم أن يربك الجمهور لذا يجب على المشاركين التأكد من وجود هيكل واضح وتدفق منطقي للعرض التقديمي، تجاهل الجمهور؛ يمكن للفشل في التعامل مع الجمهور أو إشراكه إلى جعل العرض التقديمي أقل فاعلية لذا يجب على المشاركين التأكد من الحفاظ على التواصل البصري والاستجابة لإشارات الجمهور.
أما فيما يتعلق بالتقييم الأكاديمي تُعد العروض التقديمية وسيلة فعالة لتعزيز تجربة التعلم وتقييم المهارات المتنوعة لدى الطلاب. إليكم بعض المزايا الرئيسية لاستخدام العروض التقديمية في التقييم الأكاديمي:
تطوير مهارات التواصل؛ تساعد العروض التقديمية الطلاب على تحسين مهاراتهم في التحدث أمام الجمهور، وتنظيم الأفكار، والتعبير عنها بوضوح وثقة، تعزيز القدرة على البحث والتحليل؛ تحفّز العروض التقديمية الطلاب على إجراء بحوث شاملة حول موضوع معين، واستخلاص المعلومات الرئيسية لتقديمها بشكل مبسط وواضح، تنمية مهارات التفكير النقدي؛ تتطلب العروض التقديمية تحليل المعلومات وتنظيمها بطرق مبتكرة، مما يُنمي مهارات التفكير النقدي لدى الطلاب، تحفيز العمل الجماعي؛ في حالة العروض التقديمية الجماعية، يتعلم الطلاب كيفية التعاون والتنسيق مع زملائهم، مما يعزز روح الفريق والعمل المشترك، التفاعل مع المضمون؛ يتيح العرض التقديمي للطلاب التفاعل مع المادة الدراسية من خلال الأسئلة والمناقشات التي قد تتبع العرض، مما يعزز فهمهم العميق للموضوع، التقييم العملي والمهاري؛ يتيح للمدرسين تقييم مهارات الطلاب في التواصل والتفكير النقدي وتنظيم الوقت، إلى جانب التقييم الأكاديمي التقليدي للمعرفة، تعزيز الثقة بالنفس؛ يُسهم العرض التقديمي في بناء ثقة الطالب بنفسه عند تقديم أفكاره أمام جمهور، وهي مهارة أساسية في الحياة العملية، مرونة الإبداع؛ تتيح العروض التقديمية للطلاب استخدام الوسائط المتعددة مثل الصور والرسوم البيانية ومقاطع الفيديو لجعل العرض أكثر جاذبية وفعالية.
وختامًا، تعد العروض التحليلية أداةً في غاية الأهمية في عملية التقييم، حيث تساهم في تقديم بيانات دقيقة وشاملة تساعد على اتخاذ قرارات مدروسة. من خلال تحليل المعطيات والمعلومات المقدمة، يتمكن القائمون على التقييم من فهم الصورة الكاملة بشكل أعمق، مما يتيح لهم تحديد مكامن القوة ومساحات التطوير واقتراح التحسينات المناسبة. يعزز استخدام هذه العروض من مصداقية وفعالية التقييم، ويؤدي إلى نتائج أكثر شفافية وموثوقية. لذلك، يمكن القول إن العروض التحليلية تشكل جزءًا أساسيًا من أي عملية تقييم ناجحة تسعى لتحقيق التحسين المستمر وتطوير الأداء.