محمد سمير – خبير التمويل العقارى والبنوك
يقوم قطاع الاستثمار العقاري في مصر بدور هام بالمساهمة في حل أزمة الاسكان وخلق المزيد من فرص العمل مما يعزز عملية التنمية المستدامة، ومع اتجاه الدولة إلى تعظيم نشاط الاستثمار العقاري نتيجة ارتباطه بالعديد من الصناعات والمهن وتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل في النشاط والصناعات المرتبطة به، يظل مطلوب البحث عن حل عاجل نتيجة انخفاض القدرة الشرائية للعملاء (مشترى الوحدة) مما يضطر معه معظم المطورين العقاريين إلى طرح أنظمة سداد تقسيط للعملاء لتنشيط وتسويق وزيادة نسبة المبيعات لمدد زمنية طويلة تصل الى 12 عام !!!.
وبالتالي يؤثر ذلك بالسلب على دورة رأس المال والتدفقات النقدية للمستثمر العقاري نتيجة إنه يمارس دور تمويلي غير منوط به ويعرضه إلى تحديات في استكمال المشروع العقاري قد تصل إلى عدم قدرة المستثمر أو المطور العقاري على استكمال مراحل المشروع أو تسليم الوحدات في الميعاد المحدد.
وبالرغم من إطلاق نشاط التمويل العقاري بإصدار قانون التمويل العقاري رقم 148 عام 2001 وتعديله بقانون رقم 55 لعام 2014 إلا أن نشاط التمويل العقاري لم يتعد مساهمته 1% من إجمالي الناتج القومي المصري حتى الآن …. حيث بلغت أرصدة التمويل العقاري من البنوك والشركة بنهاية الربع الأول في 2024 حوالي 95 مليار جنيه مقسمة بين البنوك بقيمة 69 مليار جنيه، وأرصدة شركات التمويل العقاري بقيمة 24 مليار جنيه طبقاً لتقارير صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري والهيئة العامة للرقابة المالية، ولا توجد مساهمة في تمويل تحت الانشاء أو المشروعات حديثة الإنشاء، حيث تم توجيه التمويل المذكور بالكامل إلى الوحدات مكتملة الإنشاء.
بالرغم من أن المادة 1 من اللائحة التنفيذية لقانون التمويل العقاري تعرفه ” يكون التمويل العقاري وفقاً لأحكام القانون للاستثمار في شراء أو بناء او تحسين المساكن والوحدات الإدارية، والمنشأت الخدمية ومباني المحال المخصصة للنشاط التجاري “.
كما أن تعديل المادة 1 من قانون 55 لعام 2014 عرف التمويل العقاري ايضاً ” يكون التمويل العقار للاستثمار لأغراض السكن والوحدات الإدارية والمنشأت الخدمية ومباني المحال المخصصة للنشاط التجاري من خلال الأنشطة التالية:
- تمويل شراء المستثمر لعقار أو بناء:
مما يؤكد أن قانون التمويل العقاري يتيح التمويل للبناء للمستثمر ولا يوجد حظر على تمويل البناء كما يدعى البعض.
وإذا اطلعنا على قانون البنك المركزي المصري رقم 194 لعام 2020 ومواده القانونية أو أي قرارات أو منشورات صادرة من البنك المركزي لم نجد فيها ما يحظر تمويل المشروعات تحت الإنشاء أو تمويل المستثمر لشراء عقار من خلال منظومة التمويل العقاري، وأن كل ما صدر عن البنك المركزي المصري هو خطاب صادر من محافظ البنك المركزي آنذاك السيد / فاروق العقدة عام 2008 موجه إلى البنوك بتعليمات بعدم إزدواجية التمويل بمعنى عدم منح المطور العقاري تسهيل ائتماني على شركته، وفى نفس الوقت منح العملاء الراغبين في شراء الوحدات منه تمويل عقاري للمشروعات تحت الإنشاء .
وبناءاً عليه صدرت ضوابط تمويل تحت الإنشاء من هيئة شئون التمويل العقاري في ذات الوقت لتنظيم آلية تمويل تحت الإنشاء بالتوقف عن تمويل العملاء لشراء الوحدات تحت الإنشاء.
إذا طالعنا تقرير البنك المركزي المصري السنوي عن عام 2023 فإنه أشار إلى أن القيمة الإجمالية لمحفظة قروض القطاع المصرفي في نهاية شهر ديسمبر 2023 بلغت 5.462 تريليون جنيه.
ولما كان منشور البنك المركزي الصادر في شهر فبراير 2020 المرسل إلى البنوك المصرية قد أفاد ” ألا تتجاوز القروض التي يمنحها البنك للتمويل العقاري وفقاً قانون التمويل العقاري ما يعادل 10% من إجمالي محفظة القروض للبنك ولا يسرى هذا الحد على البنك العقاري المصري وبنك التعمير والإسكان “.
أي حوالي 565 مليار جنيه وبذلك نسبة التمويلات الحالية في نشاط التمويل العقاري تمثل حوالي 17% تقريبا من المتاح للنشاط من إجمالي محفظة قروض القطاع المصرفي، ومرشحة للزيادة سنوياً كلما زادت قروض البنوك وبحسبة بسيطة (95مليار – 565 مليار) نجد أن هناك في حدود (470 مليار جنيه) أي حوالي 83 % رصيد متاح لنشاط التمويل العقاري بالبنوك المصرية التي يبلغ عددها حوالي 40 بنك منهم 24 بنك لديه إدارة تمويل عقاري بداخله بالإضافة إلى حوالي 19 شركة خاصة بالتمويل العقاري.
وبناء على ما سبق ذكره نجد أن نشاط التمويل العقاري يسمح بتمويل البناء، كما يوجد رصيد متاح في حدود 470 مليار لاستخدامهم لنشاط التمويل العقاري وغير مستغلين حتى تاريخه.
وبناءاً على ما سبق نقترح ونوصى السادة القائمين على البنك المركزي المصري بإعادة تفعيل التمويل تحت الإنشاء وتطبيق ضوابط التمويل تحت الإنشاء، والبدء في وضع خطة عمل تشمل المطور وجهة التمويل والاستشاري الهندسي، وإنشاء حساب مجنب للمشروعات العقارية تحت الإنشاء لبدء التمويل بتلك المنظومة للعملاء الراغبين في شراء الوحدات العقارية، وبذلك يكون هو الحل الوحيد لمجابهة أزمة القطاع العقاري حالياً وذلك عن طريق الضوابط التالية:
- على جهات التمويل التأكد من صحة مستندات الأرض محل التعاقد والتي قد تكون إما مملوكة للمطور العقاري وفى هذه الحالة يقوم المطور برهن الأرض لصالح جهة التمويل، وإما مخصصة للمطور العقاري فيقوم المطور بالتنازل عنها لصالح جهة التمويل.
- يلتزم المطور العقاري بتقديم صور من تراخيص بناء المشروع لجهة التمويل.
- إجراء دراسة مالية وفنية والاستعلام عن كلا من المطور العقاري وكذلك المستثمر أو المشترى للوحدة، وأن تتضمن الدراسة أو الاستعلام على الموقف المالي للمطور، وقدرته على تنفيذ وتسويق المشروع.
- يقدم المستثمر أو المشترى للوحدة الطلب لجهة التمويل بخصوص شراء وحدة جارى تشيدها من المطور العقاري.
- يتم تحديد قيمة الوحدة العقارية من المطور العقاري بدون تكلفة التمويل.
- أن يكون لكل مشروع حساب مجنب (Escrow Account) يتم فيه إيداع حصيلة مبيعات المشروع ويتم سداد التمويل منه دفعات حسب الجدول الزمنى للتنفيذ من قبل المطور العقاري، بالإضافة لحساب مجنب أخر (Escrow Account 2 ) ويتم استخدامه لسداد التزامات المطور العقاري لهيئة المجتمعات الخاصة بأرض المشروع .
وبذلك نكون قد أعدنا الحياة إلى قطاعي الاستثمار والتمويل العقارى خلال الأعوام المقبلة، وتجنبنا ما يمكن أن يحدث بقطاع الاستثمار العقاري المصري الذي يساهم ب 34 % من إجمالي الناتج القومي المصري من خطر التباطؤ والتعثر في المشروعات العقارية، خاصة وأن المشروعات العقارية تحت الإنشاء تمثل تقريباً 95% من المشروعات الحالية بمدن المجتمعات العمرانية الجديدة والساحل الشمالي وبباقي المحافظات.