شريف عز الدين، استشاري تقييم وتطوير أفراد
لقد أصبح استخدام التكنولوجيا في مراكز التقييم من الممارسات الشائعة في الفترة الأخيرة، وذلك بغرض زيادة الكفاءة وخفض التكاليف وتقليل المجهود المتمثل في الحاجة إلى انتقال المقيمين والمرشحين إلى مكان واحد. تتمثل نقاط القوة الرئيسية المرتبطة باستخدام أدوات التقييم المعتمدة على الكمبيوتر في سرعة تحليل النتائج وتفسيرها بناءً على مجموعة من الأدوات الإحصائية وغيرها من الأدوات التحليلية، وبالنسبة لإعداد التقارير، يمكن ترتيب النتائج بسهولة في جداول وأشكال لتمثيل البيانات بشكل فعال. وفي حين أن مثل هذه الابتكارات توفر إمكانيات جديدة للبحث والممارسة، فإنها تطرح أيضًا العديد من التحديات الجديدة المرتبطة بالصلاحية والموثوقية والعدالة/التحيز بالإضافة إلى المخاوف الأخلاقية والعملية التي تتعلق بالخصوصية وأمن المعلومات.
عند استخدام التكنولوجيا في مراكز التقييم لا بد من مراعاة الامتثال للعناصر الأساسية لها. أي أن العملية لابد أن تنطوي على تحليل منهجي لتحديد السلوكيات ذات الصلة بمنصب ما وعلى تصنيف سلوكي وعلى أنواع مختلفة من تمارين مراكز التقييم وعلى روابط بين السلوكيات وتمارين مركز التقييم وعلى تمارين تفاعلية وعدد من المقيمين المدربين على هذا الشكل من مراكز التقييم وعلى تسجيل السلوكيات تحديد مدى قوتها وعلى دمج التقييمات وعلى توحيد معياري.
تتضمن الطرق التي تُمكِن بها الاستفادة من التكنولوجيا في مراكز التقييم المساعدة في المهام الإدارية مثل جدولة المقيمين والمشاركين وتوثيق تقييمات المقيمين وإعداد التقارير المبدئية ودمج التقييمات والتقارير النهائية ومن الممكن استخدام الفيديو للمساعدة في توضيح التعليمات وإدارة التمرين والتقييم وتقديم الملاحظات أو التعقيبات وفي تدريب المقيمين وكذا إجراء تمارين المحاكاة عبر الشبكات الداخلية وعبر الإنترنت.
لكن دمج مثل هذه التقنيات في مراكز التقييم يمثل عددا من التحديات القانونية والأخلاقية التي يجب التعامل معها وبالتالي ينبغي الرجوع لعدد من المبادئ التوجيهية المهنية والقانونية عند تطبيق هذه الممارسات. فعلى سبيل المثال لا بد من إيجاد طريقة عملية للتأكد من شخصية المشارك الذي يتم تقييمه عن بُعد ولا بد من إيجاد طرق لمنع وتعطيل (إلى أقصى حد ممكن) نسخ أو طباعة المواد المقدمة للمشارك ولا بد من الامتثال للقوانين والسياسات الدولية المتعلقة بخصوصية البيانات في حال تقييم مشاركين من دول أخرى كما ينبغي وضع اعتبارات خاصة تتعلق بالترتيبات التيسيرية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وللأشخاص الذين قد يكون لديهم معرفة أقل من المتوسط بالتعامل مع الكمبيوتر.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي النظر أيضا في إمكانية أن يؤدي تقديم محتوى مركز التقييم عبر شبكات الإنترنت أو عبر الشبكات الداخلية إلى الإخلال بالتوحيد المعياري للتقييم فقد تختلف تجربة المشارك باختلاف أنظمة التشغيل أو الأجهزة أو سرعة الإنترنت وثباتها أو توافق المتصفح أو جودة الصوت أو جودة الصورة أو ظروف العمل أو المقاطعة من قبل آخرين وما إلى ذلك. ويجب على مطوري مراكز التقييم النظر فيما إذا كان استخدام التكنولوجيا يعزز أو ينتقص من دقة عملية التقييم، فإذا لم تكن السلوكيات المطلوبة للتعامل مع التقييم جزءًا أصيلًا من متطلبات الوظيفة، خاصة بالنسبة للوظائف الفنية التي لا تتطلب خبرة في استخدام الحاسوب، فإن استخدام التكنولوجيا قد يُخِل بدقة مركز التقييم.
أما من ناحية التأمين التكنولوجي تجب مراعاة أمان محتوى مركز التقييم فيجب على مطوري مراكز التقييم النظر بعناية في المشكلات التي قد تحدث أثناء تطبيق مركز التقييم نفسه وتحديد نقاط الضعف المحتملة وتقييم المخاطر قبل اتخاذ قرارات بشأن دمج التكنولوجيا.
هناك أيضًا الجانب الإنساني أو الاختلافات الفردية، فمن أجل اتخاذ قرار بشأن الحالة العاطفية والعقلية لشخص ما، يجب التركيز على تعبيراته العاطفية وسلوكه وذلك لرؤية الصورة الكاملة وهناك حالات يكاد يكون فيها التفسير الفعال لنتائج التقييم بمساعدة التكنولوجيا مستحيلًا بسبب الاختلافات في تفضيلات المشاركين ومهاراتهم إذ قد يشعر العديد من الأشخاص بالراحة أثناء التحدث إلى المُقَيِّم أثناء المقابلات وجهًا لوجه بدلًا من التحدث إليه عبر وسائط الكمبيوتر، ونتيجة لذلك، قد يكون تفسير البيانات التي تم جمعها بمساعدة التكنولوجيا غير دقيق بسبب الأخطاء المحتملة التي يرتكبها المشارك أثناء المشاركة في التقييم. وعلى العكس هناك أيضًا أشخاص يفضلون استخدام التقييم الإلكتروني لجمع البيانات وتفسيرها لأنهم لا يشعرون بالراحة أثناء التحدث مع شخص آخر أثناء التقييم. لذا، للتأكد من تفسير البيانات المجمعة بشكل فعال، يحتاج مطورو مراكز القياس إلى استخدام منهجية تأخذ في اعتبارها تلك الاختلافات بين الأفراد.
وعلى الرغم مما حققته التكنولوجيا في تجاوز الحواجز الجغرافية إذ أتاحت استخدام خدمات وأدوات التقييم عبر الإنترنت بسهولة من أي مكان في العالم على مدار الـ 24 ساعة، إلا أنه ينبغي الحذر عند تطبيقها من الاختلافات الثقافية بين الأفراد، فإن استخدام بعض الأدوات التي تم تطويرها في الأصل في بلد معين بلغة معينة في بلدان أخرى وبلغات مختلفة دون اتباع عملية التكييف المناسبة، على سبيل المثال من خلال الترجمات الآلية دون ملائمة للتكيف اللغوي والثقافي، قد لا يمثل أفضل استخدام وقد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة.
لا شك في أن التكنولوجيا الحديثة سوف تُحدث ثورة في طريقة تفكيرنا في التقييم في السنوات القادمة، لكن وتيرة هذا التحول نحو استخدام التقنيات غير التقليدية في التقييم لا تزال تبدو بطيئة نظرًا للاختلافات في قدرات المقيمين والمشاركين في التقييمات، فضلاً عن القيود الاقتصادية والظروف الصعبة، وعليه ينبغي لتحقيق هذه الغاية، تسريع وتيرة اعتماد التكنولوجيا والانتباه للممارسات غير السليمة التي تؤدي إلى إغفال الامتثال للمعايير فيما يتعلق بالتكييف المناسب أو القياس أو الدقة.