عاطف حسن – باحث مصرفي
تمثل المسؤولية المجتمعية التحدي الاكثر وضوحا للمؤسسات والشركات في تفاعلها مع البيئة المحيطة بها وذلك نتيجة للتغير الاجتماعي والبيئي الكبير الذي الزم تلك المؤسسات اليوم في ان تنظر الى تحقيق الحياة النوعية للأفراد وبشكل يوازي ان لم يكن أكثر من سعيها الى تقديم منتجات حديثة للأسواق. فأن مفهوم المسؤولية المجتمعية لم يكن معروفا بشكل واضح في النصف الاول من القرن العشرين حيث كانت المنظمات تحاول تعظيم ارباحها بكافة الوسائل ولكن مع النقد المستمر لمفهوم الارباح فقد ظهرت دوافع تتبنى دورا أكبر تجاه البيئة التي تعمل فيها، فالمسؤولية المجتمعية هي التزام المؤسسة تجاه المجتمع التي تعمل فيه وذلك عن طريق المساهمة بمجموعة كبيرة من الانشطة الاجتماعية مثل محاربة الفقر وتحسين الخدمة ومكافحة التلوث وخلق فرص عمل وحل مشكلة الاسكان والمواصلات وغيرها.
أبعاد مفهوم المسؤولية الاجتماعية:
•البعد الاقتصادي لا يرتبط بالربح كجانب من جوانب الاعمال التجارية، انما يتعلق بالالتزام بالممارسات الاخلاقية مثل منع الرشوة والفساد وحماية حقوق المستهلك والاستثمار الاخلاقي.
•ان يساهم في تحقيق رفاهة المجتمع الذي يعمل فيه من احترام لثقافة وقيم المجتمع والعاملين والمساهمة في تحقيق اهداف التنمية المجتمعية والموارد البشرية.
•ان يراعي الاثار البيئية المترتبة على العمليات والمنتجات والخدمات وتحقيق اقصى قدر من الكفاءة والانتاجية من الموارد المتاحة وتقليل الممارسات التي قد تؤثر سلبا على تمتع البلاد والاجيال القادمة بهذه الموارد.
ولكن لماذا تتبنى المؤسسات المصرفية هذا المفهوم؟
- كان الاعتقاد السائد بأن المنظمات الحكومية أو منظمات القطاع العام هي فقط التي تتحمل جانب المسؤولية المجتمعية، ولكن مع تغيير دور الدولة وزيادة عدد منظمات القطاع الخاص وزيادة عدد العاملين فيها وارتفاع الأرباح التي تحققها، فرض دورًا اجتماعيًا جديدا لهذا القطاع للتعويض عن تضاؤل دور القطاع العام.
- أن معظم المؤسسات الكبرى في العالم تصدر تقارير خاصة بالمسؤولية المجتمعية كما أنها تتصل بالأداء بعيد المدى للمؤسسات.
- المسؤولية المجتمعية ضرورية لتمييز المؤسسات ذات الأداء الإداري الجيد والمؤهلة لاحتلال مواقع بارزة في المستقبل.
- أن الربط بين مسؤولية المؤسسات تجاه المجتمع والاستراتيجيات المؤسسية يشكل تحدياً كبيراً اليوم، فالمستثمرون والعملاء أصبحوا اليوم أكثر تنوراً كما أنهم يفضلون المنتجات والخدمات والشركات التي تولي اهتماماً للمسؤولية المجتمعية للمؤسسات.
- أن نشر القيم الإنسانية في المؤسسات تعمل على تهيئة مناخ العمل الإبداعي الخصب للعاملين، وتتيح لهم فرص الارتقاء الوظيفي، مما يعني تطوير الأداء المؤسسي إلى أعلى درجاته، مع عمليات دمج القيم الإنسانية في الأنظمة الإدارية ستنجح بتطوير الأداء المؤسسي، ورفع التنافسية المهنية، وتحفيز الموارد البشرية.
- هناك عدد متزايد من المنظمات الغير حكومية التي تراقب أداء المؤسسات ومدى مساهمتها في تنمية المجتمعات المحيطة بها.
- التغير المناخي ربما يكون المحرك الأكبر للنمو في صناعة المسؤولية المجتمعية للمؤسسات.
كما أن هناك الكثير من الدوافع والمبادئ التي تحفز المؤسسات المصرفية نحو القيام بدور إيجابي تجاه المسؤولية المجتمعية كما هو موضح بالشكل التالي:
اذاً كيف نطبق المسؤولية الاجتماعية في مؤسساتنا؟
يمكن تطبيق المسؤولية المجتمعية عن طريق خلق كيانات قانونية (وحدات، إدارات) تكون مهمتها تأكيد الالتزام المؤسسي بالمسئولية الاجتماعية وتخصيص ميزانيات محددة وبشكل منتظم لدعم أنشطة هذه الوحدات وإعطائها الاستقلالية لدعم برامجها كما يجب فصل هذه الميزانيات عن الميزانية الأساسية لكيلا تتأثر بعوامل الربح والخسارة، ومن ثم يتم إيقافها في حالات الخسارة كما يمكن دعم وتطوير ثقافة الموظفين بحيث تكون المسؤولية المجتمعية جزء من إستراتيجية العمل لدى المؤسسة وكذلك عن طريق تصميم وتنفيذ برامج مشاركة الموظفين إما عن طريق لجان داخلية (داخل المؤسسة) وإشراك في الجمعيات الأهلية المحلية والمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.
فوائد تبني المسؤولية المجتمعية للمؤسسات المصرفية:
إن تحقيق تكامل المسؤولية الاجتماعية مع قراراتها وأنشطتها، يمكن للمؤسسات تحقيق فوائد هامة مثل:
- تشجيع عملية اتخاذ القرارات على أساس فهم مطور لتطلعات المجتمع، والفرص المرتبطة بالمسؤولية المجتمعية ومخاطر عدم تحمل المسؤولية المجتمعية.
- تعزيز سمعة المنظمة، وتشجيع ثقة أكبر للجمهور وتعزيز صورة وسمعة العلامة التجارية والمبيعات وولاء العملاء
- تعزيز ولاء الموظفين وروحهم المعنوية، وتحسين سلامة وصحة العاملين من الجنسين، والتأثير الإيجابي على قدرة المنظمة على توظيف وتحفيز الموظفين والاحتفاظ بهم.
- تحقيق الوفورات المرتبطة بزيادة الإنتاجية وكفاءة الموارد، وخفض استهلاك الطاقة والمياه، وخفض النفايات، واسترداد قيمة المنتجات المشتقة، وزيادة وفرة المواد الخام مما يؤدي الى تحسين الأداء المالي وتخفيض تكاليف التشغيل.
- المساهمة في حيوية المنظمة على المدى الطويل عن طريق تعزيز استدامة الموارد الطبيعية والخدمات البيئية.
- المساهمة في الصالح العام، وتعزيز المجتمع المدني والمؤسسات.
- تحسين الأداء البيئي وتقليل انبعاثات الغازات التي تسبب تغير المناخ أو تقليل استخدام المواد الكيميائية الزراعية.
- تقليل تكاليف التخلص من النفايات من خلال مبادرات إعادة تدويرها
- زيادة الإنتاجية والجودة والفعالية والكفاءة
مجالات تطبيق المسؤولية الاجتماعية:
المؤسسة التي تود ممارسة مسؤوليتها الاجتماعية أو تلتزم بمبادئ التنمية المستدامة تعمل في المجالات التالية: