الدكتور شريف عز – استشاري تطوير أفراد
لقد أدت الزيادة المطردة في استخدام مراكز التقييم على مدى العقود العديدة الماضية إلى انتشار تطبيقها في مختلف أنواع المؤسسات، فهي تستخدم في المنشآت الخدمية والصناعية والتعليمية والحكومية وغيرها في جميع أنحاء العالم.
وتستخدم مراكز التقييم بشكل عام لثلاثة أغراض رئيسية؛ الغرض الأول هو توقع السلوك المستقبلي بغرض اتخاذ قرار معين والغرض الثاني هو تشخيص احتياجات التطوير والغرض الثالث هو تأهيل من يتم تقييمهم فيما يتعلق بسلوكيات معينة مرغوبة أو مطلوبة. هناك أيضًا أغراض أخرى لمراكز التقييم والتي ستستمر في الظهور مع تطور مراكز القياس واستمرارية استخدامها. وفقًا لذلك قد يختلف تصميم وطريقة إجراء مركز التقييم حسب الغرض المقصود، مما يعني أن مراكز القياس ليست مُنتجًا جاهزًا يصلح للتطبيق على مختلف المؤسسات والوظائف والدرجات الوظيفية والأغراض المختلفة، وإنما يجب تصميم مراكز التقييم وتنفيذها والتحقق من صحتها بشكل مناسب للغرض المقصود منها في كل مرة تقام فيها.
لضمان تحقيق مراكز التقييم أكبر قدر من الفعالية ينبغي التعامل معها كجزء من نظام متكامل لإدارة الموارد البشرية/المواهب والذي يجب دمجه بشكل أكبر في منظومة الإدارة الاستراتيجية للمؤسسة. قبل اعتماد مراكز التقييم في أي مؤسسة يجب على تلك المؤسسة إعداد سياسة معتمدة لها. تحدد هذه السياسة ما سيتم القيام به لتطوير وتنفيذ وقياس نتائج مركز التقييم.
يجب على هذه السياسة أن تحدد ما يلي:
- الغرض من مركز التقييم؛ قد تشمل الأغراض التوظيف وتقييم الإمكانات وتخطيط التعاقب الوظيفي والتطوير المهني. يجب تضمين الهدف في سياسة مركز التقييم. وينبغي أيضًا إخطار المشاركين، قبل التقييم، بالقرار الذي سيتم اتخاذه بناءًا على نتيجة مركز التقييم.
- توضيح من سيكون له حق الاطلاع على نتائج مركز التقييم وأنواع البيانات التي يحق لكل صاحب مصلحة الاطلاع عليها بما في ذلك إجراءات تبادل سجلات التقييم داخل المؤسسة؛ تحديد من سيكون له حق الاطلاع على التقارير (على سبيل المثال، الرئيس المباشر والإدارة العليا والموارد البشرية) وإجراءات تقديم التعقيبات أو الملاحظات للإدارة والموظفين مع الحفاظ على معايير سرية البيانات المقدمة.
- المعايير التي سيتم اختيار المشاركين وفقًا لها وينطبق لك على معايير اختيار من يشترك في مركز التقييم ومعايير الاختيار النهائي للمشارك الذي يعتبر أكثر تناسبًا مع الغرض.
- إعطاء المشاركين فكرة عن الأنشطة التي سيقومون بها خلال مركز التقييم.
أما بالنسبة للاستشاري الذي يقوم بتنفيذ وإدارة مركز التقييم فعليه القيام بمجموعة من الخطوات لضمان تحقيق مراكز التقييم أكبر قدر من الفعالية:
- الاطلاع على السياسة السابق ذكرها، إذ أنها تجيب على مجموعة من الأسئلة التي تدور في ذهن الاستشاري.
- قبل تصميم أي مركز تقييم، ينبغي على الاستشاري النظر في التوصيف الوظيفي ومواصفات الشخص المرغوب وتحديد الفرق بين الأداء الجيد والضعيف في الوظيفة.
- يتم بعد ذلك تحديد الجدارات (أو الكفاءات) التي تتناسب مع المؤسسة ككل أو مع الإدارة أو الوظيفة التي يقوم بها الشخص وتعريف تلك الجدارات بشكل واضح دقيق وذلك وفقًا لنطاق التقييم نفسه.
- ثم يتم تصميم مجموعة من المعايير التي يتم تقييم جميع المشاركين مقارنة بها والتي عادة تكون في حدود ثمانية معايير. ويتم تحديد كل معيار من المعايير من حيث المؤشرات الإيجابية والسلبية لما يتوقع المقيمون من المشاركين إظهاره أو عدم إظهاره أثناء كل تمرين وذلك لكي يتمكنوا من تقييم جميع المرشحين بشكل عادل.
- فحص متطلبات الوظيفة وما تنطوي عليه من مهام لتحديد تمارين التقييم الأكثر ملاءمة، وينطوي ذلك على مقارنة المعايير بالتمارين المختلفة لتحديد أكثرها تناسبًا والتأكد من الفرصة التي يتضمنها كل تمرين لإظهار كل جدارة من الجدارات وكذا كل مؤشر من المؤشرات، مع مراعاة أن يتم تقييم كل جدارة في تمرينين مختلفين على الأقل.
- تصميم مصفوفة جدارات توضح الجدارات التي يتم تقييمها في كل تمرين من التمارين
- التأكد من إعطاء جميع المقيمين كتيبات كل تمرين والذي يتضمن ما يتوقع من المشاركين القيام به والمعايير التي يقومون بتقييم المشاركين إزاءها. وإطلاعهم بالتفصيل على ما هو مطلوب في كل تمرين.
- التأكد من إعطاء المقيمين نسخة من التقرير المزمع تقديمه في نهاية مركز القياس وذلك لأخذ تفاصيله في الاعتبار عند جمع الأدلة أثناء مركز القياس.
- تخطيط ترتيبات اليوم مقدمًا لضمان توفر غرف كافية وإعداد جدول زمني لليوم لكل مشارك للتأكد من سير اليوم بشكل جيد.
- يفضل أن يتم في بداية يوم التقييم عقد جلسة تحضيرية للمشاركين لتذكيرهم بتفاصيل اليوم والإجابة عن تساؤلاتهم.
- أثناء اليوم يتم جمع أدلة كافية عن سلوكيات كل من المرشحين والتي ينبني عليها تقييم كل جدارة من الجدارات.
- بعد انتهاء يوم التقييم، يجتمع المقيمون ويقومون بعقد مناقشة بشأن كل مرشح طارحين فيها الأدلة التي جمعوها خلال اليوم وذلك للتأكد من عدالة التقييم وموضوعيته.
- يتم بعدها وضع اللمسات الأخيرة على أسلوب وطريقة كتابة تقارير نتائج مركز القياس، والاتفاق على المواعيد النهائية لتسليمها.
في بعض الأحيان قد تطلب المؤسسة من الاستشاري عقد جلسات مع المشاركين بعد تسليم التقارير وذلك لشرح نتائج التقارير والإجابة على تساؤلات المشاركين ومناقشة الخطوات التالية فيما يتعلق بالتطوير.
يتضح مما سبق أن مراكز القياس تتطلب الكثير من الترتيب والتجهيز لضمان تنفيذ التجربة بأكبر قدر من العدالة والموضوعية والدقة في القياس، وتتطلب تلك الجهود مشاركة كل من المؤسسة واستشاري التقييم لإنجاحها.