بقلم الدكتور/ أحمد حسني عبد العال
مدير مراكز تطوير الأعمال – مبادرة رواد النيل
مقدمة:
ترتبط المشكلة الادارية داخل منظمات الأعمال بالعنصر البشري في مجال الإدارة حيث تحقيق الأهداف من خلال الآخرين. فالإدارة لا يقوم بها إلا إنسان (هو المدير)، وتعمل من أجل إنتاج سلع أو خدمات لصالح الانسان (المستهلك أو المستفيد)، لكن نجاحها يعتمد على قدرة المدير على إطلاق طاقات العنصر البشري في مجال العمل. ويتحكم في سلوك الفرد عدة عوامل تؤدي إلى فروق فردية بين الأفراد مثل الادراك والاتجاهات والذكاء والمشاعر والانفعالات والشخصية، وهذه العوامل تتطلب من المدير فهم طبيعتها ودرجة اختلافها بين الأفراد الذين يتعامل معهم في مجال العمل. كما يتأثر أداء الأفراد بالجوانب السلوكية عندما يتواجدون في شكل مجموعات عمل، ويرتبطون بنظام مؤسسي، وصولا لأهداف مشتركة؛ كما في حالات الاتصال والتحفيز والقيادة والتفاعل اليومي، وغيرها من الظواهر السلوكية المؤثرة في أداء الجماعات التنظيمية في مجال العمل. ويتوقف مدى نجاح المنظمة على أنماط السلوك التي تصدر عن الانسان في موقع العمل. أي العلاقة العضوية بين البنية (النظام المؤسسي) والخصائص النفسية للفرد.
وتأتي إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية لتركز على أهمية الادراك السليم والاستجابة للتحديات التي تواجه المنظمة، والتقدير الصحيح لفرص التعامل معها (مفهوم التحدي)، وتتعدد الزوايا التي تنظر منها إلى الواقع المحيط، ومن ثم تتكون لديها صورة أوضح وأشمل لما يجري حولها، وتتمكن من صياغة توجهات استراتيجية أقرب إلى الصحة والدقة واحتمالات التحقق، مما لو انحصرت فقط في بعض زوايا القضايا أو المشكلات التـي تتعامل معــها( مفهوم الرؤية الشاملة). كما أن استراتيجيات وسياسات إدارة الموارد البشرية تتعدل وتتطور بحسب متطلبات كل مرحلة من مراحل حياة المنظمة (مفهوم دورة حياة المنظمة). أضف إلى ذلك، أنه سواء كانت عوامل التغيير نابعة من داخل المنظمة، أم آتية من خارجها، فإن إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية عليها واجب التعامل مع تلك العوامل وأخذها في الاعتبار لاستعادة التوازن النسبي الذي افتقدته نتيجة المتغيرات ( مفهوم إدارة التغيير)، هذه المفاهيم أساسية وتقوم عليها الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية.
أولا: مفهوم وخصائص نظام إدارة الأداء:
كما أن مهمة الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية لا تنتهي عند حد إنهاء عمليات التوظيف للموارد البشرية، بل تمتد مهامها إلى تخطيط وتوجيه الأداء الذي يمارسه أفراد المنظمة، والتأكد من جودته ومطابقته للأساليب والمستويات المقررة من جانب الإدارة المختصة في كل فرع من فروع النشاط بالمنظمة، ثم المعاونة في فحص أسباب انحراف الأداء عن أهدافه والسعي لعلاج تلك الأسباب. أضف إلى ذلك، استخلاص وتحديد أبعاد العوامل المؤثرة في الأداء سواء كانت متعلقة بالجوانب التنظيمية أو الجوانب السلوكية أو الجوانب التكنولوجية، … والمشاركة في وضع خطط وبرامج تحسين هذه العوامل وجعلها ذات تأثير إيجابي، بهدف توفير الفرص الحقيقية كي يتحقق تنفيذ الأعمال الصحيحة تنفيذا صحيحا من أول مرة وفي كل مرة ، وبالتالي انجاز نتائج غير مسبوقة تتفوق بها المنظمة على كل من ينافسها.
وعليه يمكن استخلاص أهم خصائص نظام إدارة الأداء في الآتي:
- أن إدارة الأداء عملية إدارية، لها أهداف تسعى لتحقيقها وتتضمن عناصر العملية الإدارية من تخطيط وتنظيم وتوجيه ومتابعة ورقابة.
- أنها نشاط فني تختص به إدارة الموارد البشرية كوحدة تنظيمية داخل المنظمة، له أسلوبه الذي يميزه عن غيره من الأنشطة الفنية الأخرى لإدارة الموارد البشرية.
- أنها جزء لا يتجزء من استراتيجية الموارد البشرية، فالهدف الذي تسعى إليه هو تحقيق شراكة فعالة بين العاملين والإدارة، وتمكين العاملين من أداء أفضل لقدراتهم، وبالتالي تتمكن الإدارة من الوفاء بوعودها السابق تقديمها لعملائها.
- أن اهتمامها ينصب على تهيئة بيئة ومناخ العمل وما يتطلبه من مستلزمات مادية وتقنية ومعنوية، وتوفير قنوات اتصال تعبر عن أداء الفرد وقدراته.
- الربط بين أهداف المنظمة والفريق والفرد.
ويوضح الشكل التالي هدف نظام إدارة الأداء من تحقيق الشراكة والتمكين بين الإدارة والعاملين لصالح العميل.
ثانيا: أهداف نظام إدارة الأداء:
في رأي (2010Kanika Goyal & Ashok Khurana,) يسعى نظام إدارة الأداء إلى تحقيق الأهداف التالية:
- الترويج لممارسات عادلة ومنضبطة لإدارة العنصر البشري (إدراك الفرد أبعاد العدالة التنظيمية: عدالة توزيعية/ عدالة إجرائية/ عدالة معاملة).
- الربط بين استراتيجية المنظمة وكل من الموارد وعمليات إدارة الأداء، وضمان أن كل الأنشطة تدعم الأهداف الاستراتيجية للمنظمة.
- الترابط بين إدارة الأداء وبين مجمل الظروف المحيطة في بيئة المنظمة وفي المناخ الخارجي.
- توفير قناة إتصال رسمية تعبر عن أداء الفرد وقدراته.
- توفير آلية معلومات يعتمد عليها لتطوير وتحسين أداء العاملين (أبعاد إدارة المعرفة: نشر اكتساب استجابة).
- ربط حوافز الأداء بأداء الفرد والإدارة التابع لها الفرد وأداء المؤسسة ككل.
- أن يحقق نظام إدارة الأداء التوافقات (التوازنات) توازن الأداء مع بيئة العمل الداخلية، وافتقاد هذا التوازن يؤدي إلى ظهور الطاقات العاطلة، أو الاسراف في استخدام الموارد دون تحقيق مخرجات، ويقدم (السلمي،2001) تصورا لهذه التوازنات على النحو التالي:
- توافق الأداء بين الأفراد داخل مجموعة العمل الواحدة؛ عدم وجود طاقات عاطلة داخل مجموعة العمل الواحدة، كذلك وصول جماعة العمل في وقت واحد إلى النتائج المرجوة.
- توافق الأداء بين مجموعات العمل، ويعني ذلك؛ التكامل بين الأنشطة وقطاعات المنظمة، كذلك تفادي نقاط الاختناق بين بداية ونهاية العمليات لكل نشاط أو قطاع.
- توافق بين مهارات ورغبات القائم بالأداء ؛ حيث يقبل الفرد على العمل الذي يحبه وتتوافر له القدرة على تنفيذه.
- توافق الأداء مع نظم التقييم والحوافز (من معايير وإجراءات وأسلوب واضح)؛ بتحقيق الرضا النفسي للقائمين بالأداء عندما يتكافئ ما يحصلون عليه مع المستوى الحقيقي للجهد المبذول، سعيا لتحقيق أبعاد العدالة التنظيمية.
- التوافق بين مكونات رأس المال الفكري، وإدارة المعرفة، لتوفير قاعدة بيانات ومعرفة تساهم في تصحيح مسار الأداء عند الحاجة، وبما يحقق إنجاز الأداء المطلوب وفقا والمخطط له.
- الموائمة بين كمية ونوعية ومحتوى وتكلفة المعلومات لخدمة متطلبات اتخاذ القرارات ورسم السياسات، وذلك من خلال جودة نظام التغذية العكسية والذي يعكس (وصف العمل أو السلوك الأداء، التعريف بالأمر الواقع ومدى تأثيره على الفرد، تحديد نتائج أو عواقب السلوك سواء كان أو مازال).
ويقصد بالتوازن في الحالات السابقة، الترابط والتكامل، وتجنب الخطأ الشائع في كثير من المنظمات إذ تأخذ بعض عناصر النظام مثل عملية تقييم الأداء دون تطبيق عمليات تخطيط وتوجيه وتشخيص الأداء.
ثالثا: عناصر نظام إدارة الأداء.
يعرض (Rodd Wagner & James K. Hanter 2006) اثنا عشر عنصرا تمثل الحقيقة الأساسية حول الطبيعة البشرية في العمل، وإذا ما أدركها العنصر البشري بالمنظمة، تحققت الإدارة العظيمة له، وهي:
- أن يعرف ما هو متوقع منه في العمل (معرفة الوصف الوظيفي، واستيعاب المهمة الموكلة له، وينسجم مع فريق العمل الذي ينتمي إليه في المنظمة).
- أن تتوافر لديه الأدوات والتجهيزات ومعرفته باستخدامها لمساعدته في انجاز العمل الصحيح (توفير المستلزمات المادية والتقنية).
- أن يتوافر له الفرص للعمل في المكان المناسب (اكتشاف قدرات الموظف ومدى توافقها مع العمل الذي يقوم به ورغباته ومهاراته).
- أن يدرك أنه يوجد نظام جيد للحوافز والمكافآت عن الأعمال الجيدة التي يقوم بها.
- أن رؤسائه وزملائه في العمل يهتمون به كإنسان (العلاقات الانسانية والمعاملة الحسنة).
- أن زملاء العمل يسعون إلى تحفيز بعضهم البعض لتطوير قدراته ومهارته ( التوجية والتحفيز).
- أن وجهة نظره محل تقدير وتؤخذ في الاعتبار (تمكين العاملين ومشاركتهم في اتخاذ القرارات).
- أن رؤية ورسالة المنظمة تعكس أهمية عمله ( رؤية واحدة ورسالة مشتركة).
- أن هناك التزام من الجميع بالجودة ( فمسئولية الجودة عمل مشترك).
- أن يشعر أن زملائه بالعمل هم أفضل الأصدقاء ( جودة العلاقات وانسجام فرق العمل وحل المشاكل بطرق غير رسمية).
- أن يدرك الموظف أن إبداء المدير المباشر أو زملاء العمل رأيهم في عمله هو أفضل معلومات لتطوير قدراتي ومهارتي ( أسلوب تقييم الأداء والتغذية العكسية وأسلوب مراقبة الأداء).
- أن المنظمة توفر له فرص التعلم والنمو وعلية أن يبذل قصارى جهده للاستفادة منها.
وعليه يمكننا استخلاص تصورا لعناصر نظام إدارة الأداء كما يوضحه الشكل التالي وتشمل: