
د. محمد ربيع – خبير مصرفي – محاضر بالمعهد المصرفي
بعد سنوات من التوقعات الحذرة، تشهد تقارير المؤسسات الدولية تحولاً ملحوظاً تجاه الاقتصاد المصري. هذا التحسن لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة إصلاحات جذرية وموقف جغرافي استراتيجي أعادا رسم خارطة الفرص. فما العوامل التي أقنعت المراقبين العالميين بتغيير رأيهم؟
ما الدوافع التي قادت البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى مراجعة توقعاتهما تصاعدياً تجاه الاقتصاد المصري؟
ارتفعت توقعات المؤسسات الدولية للنمو في مصر نتيجة مجموعة من العوامل، أبرزها:
•زيادة تدفقات الاستثمار المباشر بالتوازي مع تحسّن مصادر النقد الأجنبي، سواء من السياحة أو تحويلات المصريين بالخارج، بدعم من تحسّن سعر الصرف واستقرار سوق النقد.
•تطبيق إصلاحات مالية ونقدية واضحة عززت ثقة المؤسسات الدولية، خاصة بعد استقرار سعر الصرف، عودة السيولة الأجنبية، واختفاء السوق الموازية.
كيف أدّت سياسة البنك المركزي إلى دعم النمو المتوقع؟
لعب البنك المركزي دورًا محوريًا من خلال تقييد الضغوط التضخمية و تطبيق سياسة سعر صرف مرنة أدي إلى :-
• المكافحة الفعالة للسوق السوداء
• زيادة موارد البنوك من العملة الأجنبية
• تحسين قدرة الاقتصاد على جذب الاستثمارات
• الحد من تسارع الأسعار مع تقييد الضغوط التضخمية وهو ما ساهم مباشرةً في استقرار الأسواق وتعزيز فرص النمو.
ما هي التحديات التي قد تواجه تحقيق النمو المتوقع؟
على الرغم من تحديات مثل ارتفاع أعباء خدمة الدين والتوترات الجيوسياسية في المنطقة، إلا أن الصورة الحالية تتضمن مؤشرات تحسن مهمة.
• من جانب، بدأت حدّة الضغوط الجيوسياسية تتراجع، مما ينعكس إيجابيًا على التجارة وتدفقات رؤوس الأموال.
• ومن جانب آخر، ورغم ارتفاع تكلفة خدمة الدين، فإن الاتجاه العام للاقتصاد المصري يسير نحو خفض مستويات الدين تدريجيًا مع تحسن المؤشرات المالية، بالإضافة إلى توقعات بخفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيدعم هيكل الدين ويخفّض التكلفة المستقبلية للتمويل.
تأثير القروض على مؤشرات الاقتصاد المصري
• القروض الدولية تلعب دوراً جوهرياً في سد فجوات التمويل، ليس فقط كسيولة مالية، بل كرسالة طمأنة للأسواق بأن الاقتصاد قادر على الوفاء بالتزاماته. هذا يؤدي إلى تحسن نظرة المؤسسات الدولية للاقتصاد المصري، من خلال رفع تقييم المخاطر، ودعم التصنيف الائتماني، وتعزيز توقعات النمو. ومع استقرار سوق الصرف وعودة تدفقات الاستثمار، يصبح الاقتصاد أكثر قدرة على التعافي وتحقيق الأهداف المتوقعة.
وختاماً تعكس التحسينات الأخيرة في توقعات النمو الاقتصادي المصري تطورًا تدريجيًا في المؤشرات الأساسية، مدعومًا باستقرار سوق الصرف وتحسن موارد النقد الأجنبي. ورغم استمرار بعض التحديات، فإن الاتجاه العام يشير إلى مسار أكثر توازنًا، بشرط مواصلة الإصلاحات وتعزيز دور القطاع الخاص بما يضمن نموًا مستدامًا ينعكس على الاقتصاد الحقيقي .



