شريف عز – استشاري تطوير أفراد
في مجال التطوير الشخصي والمهني غالبا ما تعجز التقييمات التقليدية عن ملاحظة الأدلة على الطبيعة المعقدة للسلوك البشري، لذا فإننا نلجأ لمجموعة من التمارين التفاعلية التي نستطيع عن طريقها القيام بذلك. من ضمن هذه التمارين تمرين المشهد التمثيلي أو لعب الأدوار، وهي أداة ديناميكية تتبع نهجًا عمليًا لفهم الجدارات الأساسية وصقلها. توفر تمارين لعب الأدوار فرصة فريدة لمحاكاة سيناريوهات الواقع وقياس قدرات الفرد في بيئة آمنة وخاضعة للرقابة.
في جوهره ينطوي تمرين لعب الأدوار على أفراد يضطلعون بأدوار محددة ويشاركون في تفاعلات منظمة مصممة لتقليد مواقف الحياة الواقعية. تأخذ هذه السيناريوهات أشكالًا متعددة، بدءًا من التفاوض على صفقة تجارية إلى حل النزاعات في إطار فريق أو حتى ممارسة مهارات التواصل مع آخرين، وذلك من خلال القيام بأدوار مختلفة تُمَكِّن المشاركين من استكشاف وجهات نظر مختلفة وتحسين استجاباتهم وتحديد مساحات التطور.
تكمن إحدى المزايا الرئيسية لتمارين لعب الأدوار في قدرتها على قياس الجدارات التي غالبا ما تتجاهلها التقييمات التقليدية ففي حين توفر الاختبارات والدراسات الاستقصائية المكتوبة رؤى قيمة حول المعارف النظرية والقدرات المعرفية، إلا أنها قد لا تعكس بدقة قدرة الفرد على تطبيق تلك المعرفة في الواقع. تعمل تمارين لعب الأدوار على سد هذه الفجوة من خلال تقييم جدارات مثل صنع القرار وحل المشكلات والتواصل والذكاء العاطفي في المواقف ذات الصلة.
علاوة على ذلك، توفر تمارين لعب الأدوار مساحة آمنة للتجريب والتعلم، إذ يمكن للمشاركين ارتكاب الأخطاء دون خوف من العواقب الحقيقية وتلقي التعقيبات على أدائهم. تعزز هذه العملية التحسين المستمر وتمكن الأفراد من تطوير الثقة في قدراتهم بمرور الوقت. بالإضافة إلى ذلك، تعزز تمارين لعب الأدوار التعاطف ورؤية الأمور من وجهات نظر آخرين، مما يعزز فهمًا أعمق لتجارب الآخرين ودوافعهم.
في البيئات التعليمية، توفر تمارين لعب الأدوار وسيلة فعالة للتعلم النشط وتنمية المهارات، فمن خلال دمج أنشطة لعب الأدوار في خطط التعليم يمكن للمعلمين تعزيز مشاركة الطلاب أثناء إعدادهم لتحديات الحياة العملية. على سبيل المثال، تستخدم كليات الطب تفاعلات محاكاة للمرضى لتدريب المتخصصين في الرعاية الصحية على السلوكيات السليمة ومهارات التشخيص.
في عالم الأعمال، تستخدم تمارين لعب الأدوار كأداة قيمة لتنمية المواهب والتوظيف، فأثناء مقابلات العمل، قد يطلب من المرشحين المشاركة في سيناريوهات لعب الأدوار ذات الصلة بالوظيفة التي يتقدمون لها، مما يسمح لمسؤولي التوظيف بتقييم مدى ملاءمتهم للدور بما يتجاوز المؤهلات المدرجة في السيرة الذاتية. بالمثل، تستخدم الشركات تمارين لعب الأدوار في برامج تدريب الموظفين لتنمية مهارات القيادة وتعزيز خدمة العملاء وتحسين العمل الجماعي وما إلى ذلك.
بخلاف الاستخدامات الأكاديمية والمهنية، يمكن لتمارين لعب الأدوار أن تفيد الأفراد في حياتهم الشخصية. بدءًا من تحسين التواصل لبناء العلاقات إلى بناء الثقة في البيئات الاجتماعية، فالمهارات التي تم تطويرها من خلال تمارين لعب الأدوار لها قابلية كبيرة للتطبيق في الحياة العملية. على سبيل المثال، يمكن للأفراد الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي استخدام لعب الأدوار كأداة لبناء الثقة تدريجيا في مهاراتهم الشخصية.
وختامًا أقول، تقدم تقييمات لعب الأدوار نهجًا ديناميكيا لتطوير المهارات، وتقييمها في مختلف المجالات وذلك من خلال محاكاة سيناريوهات العالم الحقيقي. توفر هذه التقييمات رؤى قيمة حول قدرات الأفراد على التعامل مع المواقف المعقدة، واتخاذ القرارات والتفاعل بفعالية مع الآخرين. سواء في التعليم أو الأعمال التجارية أو التنمية الشخصية، فإن تمارين لعب الأدوار تمكن الأفراد من إطلاق العنان لإمكاناتهم الكاملة والازدهار في عالم دائم التغير.