دكتور/ محمد العنتبلي – رئيس لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة باتحاد بنوك مصر
وسط زحام الفكر بين العمل اليومي وأمواج الأزمات الدولية وآثارها السلبية التي استطالت إلى معظم دول العالم بما في ذلك مصرنا الحبيبة، ونسبة القروض إلى الناتج المحلى وصندوق النقد وسعر الدولار وترشيد الواردات وتعظيم الصادرات وتعميق المنتج المحلى وتوطين التكنولوجيا والشمول المالي ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة والزيادة السكانية التي تلتهم ثمار التنمية والمشروعات الضخمة التي طورت العاصمة والمحافظات بشكل واضح ومميز والاستدامة وتغيير المناخ وبدء العام الدراسي والسبلايز….. وغيرها في ظل فيضان المعلومات والنوتفيكيشينز والبوستات التي لا تتوقف…. وسط هذا الزحام لابد أن نوجد مكانا في فكرنا ووقتا لصناعة المستقبل… فلو نطرنا للحظة لوجدنا أن الحاضر الذى نعيشه هو لحظة متحركة تفصل بين الماضي والمستقبل ولذلك فما نعيشه ليس هو الحاضر ولكنه المستقبل والذى إما نشكل رؤيتنا ونخطط له وبذلك نصنعه، وإما أن نتوقعه ونستعد له… أم الأسوأ ألا نفعل هذا ولا ذاك فيكون قدرنا أن نكون تابعين لغيرنا الذين عملوا الأفضل.
وبتطبيق ما تقدم على الصناعة المصرفية فمن ناحية أود أن أبدأ بتصحيح معلومة شائعة وهي أن “””التكنولوجيا تتقادم بسرعة”””…. التكنولوجيا تتطور بالبناء على ما تقدم ولا تتقادم بتخطي الماضي فلو نظرنا لوجدنا أن التحول الرقمي الحالي ليس وليد اللحظة بل هو قمة هرم على قواعد نشأت وتطورت ولا زالت على مدى عشرات السنين بدءا من Main Frames ثم الحواسب الشخصية PCs والتي بدأت من الثمانينات والإنترنت من تسعينات القرن الماضي ثم الهواتف المحمولة والتي بدأت في التسعينيات ثم الايميلات ثم ثورة تحليل البيانات وصولا للمنتج النهائي الهجين الذى يجمع كل ما تقدم وهو التطبيقات!
ومن ناحية أخرى، نرى أن التحول الرقمي في الصناعة المصرفية هو مثلث تحدده ثلاثة أضلاع غير متساوية….. أولها العرض أي التطبيقات وما تتضمنه من قيمة مضافة وسهولة الاستخدام في بيئة آمنة (الأمن السيبرانى) ، وثانيها الطلب أي العملاء واحتياجاتهم ومدى قبولهم للتطبيقات المقدمة وتحولهم بينها وثقافة “الاستخدام الآمن” لديهم ، أما ثالثهم فهو القوانين والتعليمات من الجهات الحكومية والرقابية وهنا نصل إلى عنوان المقال PDS2 Payment Services Directive 2 والذى تم إصداره في الإتحاد الأوروبي أول 2019 وتبعه في الشرق الأوسط البحرين في 2020 ثم المملكة العربية السعودية في 2022 ويمثل نقلة نوعية في التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية ومستقبل البنوك والصناعة المصرفية.
هذا القرار ألزم البنوك والمؤسسات المالية في الإتحاد الأوروبي والدول المعنية بتنفيذ تعليمات من يطلب من العملاء (أفراد أو شركات) بعمل ربط إلكتروني لبيانات العميل طرف البنك لأى طرف ثالث . FinTech
وبالتالي ظهرت مصطلحات Open Banking and Open Finance واستحدثت بعض البنوك في أوروبا وظيفة Head of Open banking وبدأت شركات مثل IWOCA UK تمول المشروعات الصغيرة والمتوسطة بناء على ربط إلكتروني مع بنك العميل وعمل تقييم رقمي بناء على “كل البيانات المتاحة في كشف الحساب” ، على سبيل المثال المنتجات المستخدمة وأسماء وعناوين المستفيدين من أو الآمرين بالتحويلات والشيكات وأسماء وعناوين بنوكهم وقيمة الجمارك والضرائب التي نرد بياناتهم في المدفوعات الواردة أو الصادرة…… وهذا تطور كبير وخطير في ضوء ثورة المعلومات وما نشهده من AI, Machine Learning ,Data Analytics ,Aata Scientists ,Big Data, Blockchains حيث أن كنوز المعلومات والبيانات البديلة Alternative data which could be used in behavioral scoring لم تعد ملكا خالصة للبنوك وإنما أصبحت تحت تصرف العميل وهو من يحدد مع من يتم مشاركتها إلكترونيا طبقا للخدمات والقيمة المضافة المقدمة للعميل!
وعليه ستظهر تطبيقات وخدمات مستحدثة ذات قيمة مضافة للعملاء لجذبهم وهنا تظهر أهمية مركزية العميل Customer Centricity وسنشهد جولات من الإستحواذات والمشاركة المفيدة win-win بين البنوك والشركات المالية وشركات التكنولوجيا المالية.