أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يوم الأحد 15/11/2020، نتائج بحث القوى العاملة للربع الثالث (يوليو – سبتمبر 2020)، ولقد وقفت أتأمل كثيرا في تلك الأرقام الإحصائية التي تضمنتها نتائج هذا البحث، خصوصا حجم البطالة لاسيما في فئة الشباب القادر والراغب في العمل.
ويؤثر ازدياد حجم البطالة خصوصا في شريحة الشباب والذي يمثل الطاقة الخلاقة للإنتاج والانتاجية، وينتج عن عدم الاسراع بتوفير آلية لتشغيلها إلى امكانية استقطابها والتشويش على إدراكها من جانب الجهات المعادية للدولة، ومن ثم استخدامها أداة سلبية للهدم داخل المجتمع، لأعمال مناهضة للتنمية وتضعف من نتائج برامج التنمية المستهدفة.
من ناحية أخرى، ومع التطور في اقتصاديات المعرفة والثورة التكنولوجية واتفاقية الجات، حدثت نقلة نوعية في خصائص سوق العمل، جعلت من ايجاد الشاب لفرصة عمل أمر صعب المنال، وقد تمثلت هذه الخصائص في:
- وجود فائض في العمالة في كافة التخصصات.
- تبحث منظمات الأعمال عن استقطاب موارد بشرية متعددة المهارات بتكلفة أقل لتصبح مؤسسات رشيقة لا مؤسسات بدينة.
- العمل في ظل ثقافات متعددة تتطلب اتقان اللغة ومهارات التواصل مع جنسيات متعددة.
- التحول من أسواق محلية إلى أسواق عالمية.
- التحول من تشريعات وضوابط حكومية محلية إلى تشريعات وضوابط تنسجم مع الاتفاقيات الدولية.
- التحول من مؤسسات تنافس محليا إلى مؤسسات متحالفة داخليا وخارجيا ذات أذرع تنافسية طويلة.
- التحول من خدمات تقليدية إلى خدمات يتعاظم فيها المكون المعرفي الكامن في عقول البشر.
- التحول من عميل محلي إلى عميل عالمي بفعل ثورة تكنولوجيا المعلومات وسيطرة الانترنت، يتطلب التعامل معه، بمهارات جديدة غير تقليدية للعنصر البشري داخل منظمات الأعمال.
مراكز تطوير الأعمال، نقلة نوعية في دعم الشباب للعمل الحر:
وفي إطار وضع حلول جزرية لمشكلة البطالة، ونشر ثقافة العمل الحر وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كان لمراكز تطوير الأعمال في إطار مبادرة رواد النيل دورا محوريا في توفير البيئة والأدوات المحفزة والداعمة للشباب على إقامة مشروع خاص، وذلك من خلال:
- تقديم الخدمات والدعم الاستشاري، والحلول المالية وغير المالية القابلة للتنفيذ، للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال وفقا لأعلى مستويات الجودة بهدف تحسين أداؤها المالي والفني بالسوق، وتحقيق أهدافها.
- تحويل الأفكار الابتكارية للشباب إلى مشروعات قابلة للتنفيذ، وتمكين الشباب الراغب في تأسيس مشروعات خاصة من اختيار النشاط الذي يناسب امكانياتهم، وتثقيفهم ماليا ومصرفيا.
- مساندة البنوك وجهاز تنمية المشروعات في تحقيق أهدافها الرئيسية في دعم وتمويل رواد الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وتقدم مراكز تطوير الأعمال حزمة متكاملة من الخدمات تمثل احتياجات رئيسية للفئات المستهدفة وخاصة الشباب، بلغ حجم هذه الخدمات نحو 32771 خدمة متنوعة، استفاد منها أكثر من 15 ألف عميل تنوعت أعمارها مركزة على فئة الشباب من الذكور والإناث. ويمكن للشباب الراغب في الحصول على هذه الخدمات التقدم مباشرة للمراكز و/ أو التقدم بطلب الخدمة عبر موقع مراكز تطوير الأعمال على شبكة التواصل الاجتماعي: https://np.eg/bds-hubs/
ويعد نقلة نوعية أيضا، توجه البنوك لإنشاء مراكز تطوير أعمال، وذلك انطلاقا من ايمانها بقضية تشغيل الشباب وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فبالإضافة إلى توجهها التمويلي وتوفير الأموال للمشروعات ذات الأولوية المجتمعية والتنموية بالحجم والتكلفة والآلية المناسبة، فقد جاءت مشاركتها في تقديم مثل هذه النوعية من الخدمات (الخدمات غير المالية) لتضيف بعد تنمويا وتحديا جديدا للتميز في أداء دورها، وذلك من خلال مشاركة 12 بنك في إنشاء عدد 24 مركز تطوير أعمال داخل فروعها المنتشرة في 16 محافظة، بتصميم موحد لهذه المراكز وآلية تشغيل موحدة، وتوفير كوادر بشرية بلغت 89 أخصائي تطوير أعمال تم تأهيلهم من خلال المعهد المصرفي ( الذراع التدريبي للبنك المركزي المصري) وبمشاركة متميزة لمنظمة العمل الدولية، والهيئة العامة للرقابة المالية، وآخرين، أسفرت عن حزمة من البرامج التدريبية بلغت 328 ساعة تدريبية تؤهلهم للحصول على شهادة أخصائي تطوير أعمال.
إن انتشار مثل هذه النوعية من الخدمات غير المالية، سيساعد بلا شك على وضع حلول جزرية لمشكلة البطالة، ومحور هام من محاور تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي تمثل قاطرة تنمية لا تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، يمارسها الذكور والإناث، تمارس في الريف والحضر، و من قبل المتعلمين وغير المتعلمين، ومساهم رئيسي في الناتج القومي الإجمالي، وتستوعب حجم عمالة كبير، وسيصبح معها الشباب من خلال مشروعه الصغير مصدر لفرص العمل لا طالب لفرصة عمل، ذلك هو الحل العملي لمشكلة البطالة.