على الرغم من ما ما مثلته جائحة كرونا من كارثه صحية وإقتصادية عالمية إلا أنها كان لها بعض الأثار الإيجابية ، منها المضى قدما بخطوات اسرع نحو رقمنة القطاع المصرفى. فبجنوب الصحراء الكبرى فى افريقيا، كان لتأثير كرونا اكبر الأثر على تخفيض او الغاء رسوم المعاملات من قبل مقدمو خدمات الأموال عبر الهواتف المحمولة Mobile Money Providers ، و تزامن ذلك مع دعم الحكومات للمدفوعات الرقمية كاستراتيجية بديلة عن التواصل مع الأشخاص وجها لوجه.
وفى هذا السياق، اعرب جوشوا أويجرا الرئيس التنفيذى لبنك KCB لGlobal Finance أن: الوباء قد غير من طريقة تفكير الخاصة ببيئة العمل، حيث اصبح من الممكن إدارة الأعمال من مواقع العمل الرئيسية او محطات العمل الثانوية او حتى من المنزل. وقد أضاف ان الأولوية ستعطى فى تلك الفترة إلى تحويل المعاملات من فروع البنوك الى القنوات الرقمية مثل الهواتف المحمولة و الخدمات المصرفية عبر الإنترنت.
ومن الجدير بالذكر، ان إقتصادات جنوب الصحراء الكبرى فى افريقيا تعتمد على النقد بشكل اساسى فى المعاملات النقدية، خاصة ان 43% فقط من السكان البالغين لديهم حسابات بالبنوك او مزًودين بخدمات الأموال عبر الهواتف المحمولة، وذلك وفقا لإحصاءات البنك الدولى.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه بينما انتهجت معظم دول العالم الى المدفوعات الرقمية كوسيلة امنه و سريعة لتبادل المعاملات المالية، إلى انه فى افريقيا جنوب الصحراء، تمثل حقيقة تضاؤل نسبة الشمول المالى عائق فى ذلك، وذلك وفقا لـأنيت موخيرجى، زميل السياسات فى مركز التنمية العالمية ، بالولايات المتحدة الأمريكية. وقد استرصد موخيرجى لصحيفة رويترز:” أن نقص الحسابات المصرفية و حسابات تحويل الأموال عبر الهواتف المحمولة يمثلان اكبر فجوة فى الإستعداد الرقمى فى افريقيا جنوب الصحراء”.
وهنا يجب القاء الضوء على ان فى دول شرق افريقيا، بما فى ذلك كينيا و أوغندا و تنزانيا، تعتبر تحويلات الأموال عبر الهاتف المحمول هى الوسيلة الأساسية لعمليات الشراء المختلفة التى تتنوع ما بين شراء الصحف و دفع الفواتير. وقد جاء ذلك مدعوما إلى حد كبير بنجاح خدمة Safaricom M-Pesa، وهو نظام دفع عبر الهاتف المحمول بدأ فى كينيا فى عام 2007، يضم الأن نحو 30 مليون مستخدم فى 10 دول.أما عن غرب افريقيا، فيستخدم واحدا فقط من كل اربعة بالغين خدمات الأموال عبر الهتف المحمول. وهنا يرى المحللون ان لظهور كورونا اكبر الأـثر فى خلق فرصة لزيادة إستخدام الخدمات المصرفية عبر الهواتف المحمولة وزيادة معدل الرقمنة.
وكذا وفقا لجيل شيمين، المستشارة المستقلة فى التمويل الرقمى فى غرب افريقيا، فإن الوباء الحالى يمثل حافزا ممكن أن يزيد بشكل كبير من إستخدام المنصات الرقمية بالقطاع المصرفى. وفى هذا السياق، تنازل مقدمو خدمات الأموال عبر الهاتف المحمول، فى افريقيا جنوب الصحراء، عن رسوم المعاملات او قاموا بتخفضها . وقد جاء ذلك فى إطار حرص الحكومات على تشجيع إنتهاج المدفوعات الرقمية لتقليل الإتصال الشخصى ، خاصة مع ظهور وباء كورونا.
هذا و قد أعرب مارتن كيريمى، باحث اول بنك Standard Investment Bank بكينيا، عن ملاحظته بأن معظم حجم التحويلات المالية داخل المنطقة لا يزال يحدث فى نطاق فروع البنوك. وقد صرح انه لا غنى عن شبكة الفروع ، وارجع ذلك إلى انه على الرغم من الزخم السريع نحو رقمنة الإقتصادات الأفريقية والإستفادة من المنصات الأفريقية الرقمية ، إلا انه فى الوقت الحالى فإن معظم تحويلات الأموال تحدث داخل شبكات الفروع. وأضاف انه على الجانب الأخر، فإن المقرضون بدوا اكثر تحمسا نحو رقمنة معاملاتهم المالية، إلا انهم لا يمثلون اكثر من 30% من المتعاملين مع البنوك فى الدول الأفرقية، مما يعنى ان التعاملات النقدية لا يمكن الإستغناء عنها فى الوقت الحالى.
وبالنسبة للبنك التجارى الكينى KCB، شهد التركيز على دفع المعاملات الرقمية ارتفاعا فى المعاملات خارج الفروع إلى 97% فى الربع الأول من عام 2020 مدفوعا بشكل رئيسى بالخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول و الإنترنت، بينما زاد حجم المعاملات خارج الفروع بنسبة 31% و انخفضت نسبة معاملات الفروع بنسبة 8% .
المصدر:
https://www.gfmag.com/topics/blogs/covid-19-stirs-rethinking-sub-saharan-africa-banking-sector