نظمت إدارة البحوث والتوعية بالمعهد المصرفي المصري ندوة عبر الانترنت بعنوان ” الابتكار والاتجاهات الحديثة في تمويل المشروعات الصغيرة و المتوسطة”، و ذلك باستضافة الأستاذة / منار كريّم، مسؤول برنامج تقديم الخدمات المصرفية للمرأة بمجموعة المؤسسات المالية لمؤسسة التمويل الدولية International Finance Cooperation (IFC) في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، و الأستاذ / شريف البحيري، رئيس قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتمويل الإسلامي ببنك مصر. وهدفت الندوة إلى توضيح سبل دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب دعم المشروعات الخاصة بالسيدات ورائدات الأعمال، لتحقيق أهداف الشمول المالي، وبالتالي تحسين معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية الاجتماعية.
في البداية، أوضحت أ/منار كريم أن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، خاصة تلك المشاريع التي تمتلكها أو تديرها السيدات ورائدات الاعمال، يعد من أهم الموضوعات التي تركز عليها مؤسسة التمويل الدولية. وأشارت انها تباشر العمل على برنامج دعم تمويل رائدات الأعمال الذي له تركيز إقليمي على الشرق الأوسط وشمال افريقيا، حيث أوضحت أن هذا البرنامج يقوم بتقديم الدعم الاستشاري للمؤسسات المالية، في محاولة لفهم سبل التعاون مع المصارف المختلفة لتوسيع نطاق الخدمات المصرفية المقدمة حالياً بالأخص لأصحاب الشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة من السيدات. بالإضافة الي التركيز على دعم الفئات الغير مخدومة من السيدات في الأسواق المختلفة.
واشارت إلى بعض البيانات من بعض الدراسات الخاصة بالبنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، والتي توضح أن أقل من 20% من النساء في مصر تمتلك حساب بنكي شخصي، وأيضا أقل من 20% من النساء تستطيع الوصول إلى الخدمات المصرفية مثل التمويل على سبيل المثال. وأضافت أن حجم الفجوة الائتمانية لقطاع النساء في مصر تقدر بحوالي 400 مليار جنيها مصرياً، وذلك بناء على الاستفتاء الذي تم ضمن الدراسة الحديثة التي تبنتها مؤسسة التمويل الدولية لعام 2017-2018، مما يشير أن نسبة تمثيل النساء في محافظ البنوك المختلفة نسبة قليلة. وأشارت إلي ضرورة تحليل بيانات وفئات المحافظ البنكية المختلفة، لتحديد الفئات التي لديها تمثيل ضئيل بالمحافظ البنكية إلي جانب تحديد الفئات التي لا تتعامل مع القطاع المصرفي الرسمي. وأضافت أنه إذا نظرنا الي قطاع النساء بالأخص سنجد أنه يواجه بعض التحديات ليس في مصر فقط بل في أسواق أخري مختلفة. ومن ضمن هذه التحديات هي الحصول على ما تتطلبه المصارف من ضمانات فيما يخص طلبات الاقتراض أو الائتمان. ومن ضمن هذه الضمانات التي تتطلبها المؤسسات البنكية هي امتلاك السيدات لأصول يقدمونها للمؤسسات البنكية كضمان للاقتراض، مما يعوق توجه العديد من النساء إلى البنك للتقدم بطلب الاقتراض. وبناء على دراسة أجرتها مؤسسة التمويل الدولية لسنة 2015، توصلت الدراسة الي قضاء السيدات ما يقرب من 5 ساعات يومياً في أعمال غير مدفوعة الأجر مقابل ساعة ونصف او أقل للرجال، مما يؤثر بالسلب على عدد الساعات المتاحة لتقديمهن أعمال مدفوعة الأجر إلي جانب التأثير على الوقت الممكن تخصيصه لزيارة أو التعامل مع المؤسسات البنكية الذي يدعم بشكل أساسي أهداف الشمول المالي. وشددت على ضرورة تركيز البنوك على التعامل مع قطاع رائدات الاعمال ومحاولة فهم واستيعاب احتياجاهم من الخدمات المصرفية. وفيما يتعلق بصياغة برنامج دعم تمويل رائدات الاعمال، أوضحت أن مؤسسة التمويل الدولية تتشارك مع العديد من المؤسسات المالية الأخرى الرائدة في هذا المجال. وأضافت أن مؤسسة التمويل الدولية تتشارك مع البنوك التي تتبني في استراتيجيتها التركيز على هذه الفئات عن طريق ابتكار حلول مختلفة تساعد البنك على استقطاب نسبة أكبر من العملاء من قطاع رائدات الاعمال.
وأشارت أنه فيما يتعلق بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، فالنسبة المدارة من قبل السيدات لهذه المنشآت تقدر بحوالي 30%، وبالتالي إذا كان هناك تصور من قبل المؤسسات المالية بوجود مخاطرة أعلي فيما يتعلق بتقديم الدعم والتمويل للسيدات مقارنة بالرجال، فيجب على البنوك تغيير هذا الاعتقاد حيث تشير العديد من الدراسات أن السيدات أكثر التزاما فيما يتعلق بالسداد وتقديم الضمانات للاقتراض مقارنه بالرجال. علاوة على أن معظم السيدات تتزايد لديهن القدرة على الادخار للأغراض الشخصية أو العملية. وفي حال تركيز البنك على دعم هذا القطاع – ليس فقط عن طريق منح لائتمان للفئات الملتزمة بالسداد- سيتم ضخ الكثير من الأموال في محافظ البنوك عن طريق استقطاب المدخرات الخاصة بالسيدات، الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على معدلات السيولة بالبنك ويعزز من قدرته التنافسية في السوق. وأوضحت أ/منار أن السيدات تشكل أداة تسويقية هامه للبنك الذي تتعامل معه في حالة رضائهن عن الخدمات البنكية المقدمة، وذلك عن طريق دعوة أفراد أسرهن وأصدقائهن للتعامل مع البنك والاستفادة بمنتجاته وخدماته المختلفة.
وبعد تسليط الضوء على أهمية دعم قطاع السيدات من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، دعت أ/منار كريم أ/شريف البحيري لتوضيح أوجه التعاون بين بنك مصر كمؤسسة رائدة في القطاع المصرفي ومؤسسة التمويل الدولية فيما يتعلق بالدعم المقدم لقطاع السيدات رائدات الاعمال في مصر..
ومن جانبه بدأ شريف البحيري كلمته بالتحدث عن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل عام؛ وأوضح أن الدولة بجميع مؤسساتها وبالأخص البنك المركزي المصري، أولت خلال الخمس سنوات الماضية اهتماما كبيرا بهذا القطاع الهام، وأوضح أن المحفظة الائتمانية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة تقدر بحوالي 200 مليار جنيها مصريا منذ يناير 2016.
وأشار أن لبنك مصر مكانة متميزة فيما يخص مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث تبلغ محفظة المشروعات الصغيرة والمتوسطة لبنك مصر حوالي 35 مليار جنية من اجمالي الحصة السوقية.
وأكد البحيري أن بنك مصر يولي اهتماما بالغا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بسبب التنمية المستدامة التي يمكن تحقيقها عن طريق الاستثمار في هذه المشروعات. وأكد على مساعدة قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة للدولة ككل للنهوض مرة أخري في أعقاب الأزمات خاصة بعد ثورتي 2011 و2013، ومن هنا بدأ التركيز في بنك مصر على هذا القطاع. وفيما يتعلق بال Market Segmentation أو تقسيم الفئات المختلفة للعملاء في السوق المصرفي المصري، عقب البحيري أن الشركات الصغيرة و المتوسطة و متناهية الصغر لها عدة أشكال مختلفة من حيث الحجم والصناعة والشكل القانوني للشركة. وأوضح أنه منذ بداية التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية، وجد أن هناك فجوة لا يستهان بها فيما يتعلق بتمويل مشروعات رائدات الأعمال في مصر، كما تبين وجود اختلافات في المتطلبات إذا كان القائم على الشركة أو صاحب الكيان رجل أو امرأه.
وأشار أن بنك مصر يخطو خطوات لدعم قطاع رائدات الأعمال وتخصيص منتجات بعينها لتلائم المتطلبات المختلفة لهن، لذلك بدأ بنك مصر منذ العشرون عاما الماضية بتطبيق مبدأ ال Market Segmentation في مجال التجزئة المصرفية. وأوضح أن المنتجات المصرفية المقدمة كالقروض على سبيل المثال هي واحدة للرجال وللسيدات، ومن هنا بدأ التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية لتصميم منتج يخاطب احتياجات ومتطلبات رائدات الأعمال في مصر. وأكد على أن أحد المشاكل الموجودة بالسوق المصرفي تتمثل في عدم فهم المتطلبات والاحتياجات الأساسية لرائدات الأعمال ومن هنا وتم عمل دراسة سوق لتحديد هذه المتطلبات.
وشدد البحيري علي أهمية اخذ الاعتبارات الاجتماعية في الحسبان، وذلك عن طريق دراسة كيفية استعانة رائدة الاعمال بأحد افراد أسرتها أو زوجها عند مباشرة الأعمال والمشروعات المختلفة. وأشار أنه تم الانتهاء من حوالي 60% من المشروع المخصص لدعم وتمويل رائدات الاعمال بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية. وأكد ان الهدف الرئيسي من هذا المشروع هو النهوض برائدات الأعمال من المشروعات متناهية الصغر إلى المشروعات الصغيرة ثم المتوسطة.
وفي الختام أعربت منار كريم عن سعادتها بتنظيم هذه الندوة لدعم قطاع رائدات الأعمال في مصر، واشارت الي كون بنك مصر من اول البنوك التي تبنت في استراتيجيتها خدمة ودعم قطاعات جديدة ومختلفة في السوق المصرفي المصري، كما أعربت عن آمالها في اكتمال المشروع للوصول الي أكبر عدد من السيدات أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر الغير مخدومين من قبل القطاع المصرفي، مما يساهم بشكل مباشر في تحقيق أهداف الشمول المالي وفقا لتوجهات البنك المركزي المصري. وأكدت ان الشراكة مع بنك مصر لها أهداف محددة تتمثل في كيفية العمل على نمو المحفظة الائتمانية الخاصة برائدات الأعمال مع دراسة المؤشرات للتنبؤ بمدي نجاح المشروع وأيضا تحديد نسبة السيدات في المحفظة. وأشادت بدور البنك المركزي فيما يتعلق بتعزيز الجهود الرامية لتحقيق الشمول المالي باعتباره جزء من خطط النمو بالإضافة الي التركيز على قطاع السيدات بالأخص، وكان ذلك من ضمن العوامل المساعدة لمؤسسة التمويل الدولية لدعم العديد من البنوك فيما يتعلق برائدات الأعمال. هذا إلى جانب تبني تعريف محدد حول ماهية الشركة التي تصنف على أنها شركة مملوكة أو مدارة من قبل السيدات، وذلك بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية عن طريق دراسة أفضل الممارسات التي توضح ما يجب أن يكون عليه شكل المنشأة المدارة من قبل السيدات، وبالتالي مساعدة البنوك في تحديد نسبة السيدات المستفيدة من الخدمات البنكية في الوقت الحالي.
كما اشارت منار كريم في نهاية الندوة إلى دراسة بحثية أعدها المعهد المصرفي المصري بعنوان” دور القطاع المصرفي في دعم الشمول المالي للمرأة”، والمتاحة على الموقع الالكتروني للمعهد المصرفي، والتي من الممكن الاستناد إليها كمرجع شامل حول هذا الموضوع.
ولمشاهدة الندوة كاملة، يرجي الدخول على الرابط التالي:
https://www.facebook.com/EgyptianBankingInstitute/videos/609915382979497
دنيا مصطفي سلامة – باحث بالمعهد المصرفي المصري