إن تسارع وتيرة التطور التكنولوجي وإحلال التقنيات التكنولوجية محل العنصر البشري في تنفيذ بعض الأعمال والمجالات قد أثار العديد من التساؤلات حول مستقبل الوظائف والتخصصات والجدارات. الأمر الذي دفع العديد من المنظمات الدولية وصناع القرار في العالم إلى إجراء دراسات وتحليلات مستمرة لمتابعة التطور الذي تشهده متطلبات سوق العمل وذلك بهدف سد الفجوة بين المهارات المتاحة حالياً واحتياجات السوق المتغيرة. وعلى الرغم من تقليص التكنولوجيا لدور العنصر البشري في بعض الوظائف إلا أنها من ناحية أخري قد ساهمت في خلق المزيد من الأدوار والوظائف الجديدة التي لم تكن موجودة من قبل.
ومما لا شك فيه فإن الاستثمار في مجال تطوير البنية الأساسية والمهارات التقنية التكنولوجية التي أصبحت تدخل في جميع التخصصات والمهام يجب أن يكون على قائمة أولويات أي مؤسسة.
إلا أن تعلم التقنيات التكنولوجية وحده لن يكون المسيطر على خريطة الوظائف المستقبلية، فهناك العديد من المهارات الشخصية التي تتصدر المشهد في سوق العمل ولن تتمكن الآلات من القيام بها. علاوة على ذلك فقد أثبتت الأزمة التي يمر بها العالم حاليا من جراء تداعيات فيروس كورونا المستجد حاجة سوق العمل إلى كوادر بشرية قادرة على التكيف مع المتغيرات وإدارة الأزمات بنجاح.
ومع التغيرات المتلاحقة في متطلبات سوق العمل والضغوط التي تفرضها الأزمات الاقتصادية على قطاع الأعمال، ازدادت وبشدة أهمية تعزيز دوافع الشباب من الطلبة والخريجين والعاملين لتطوير قدراتهم ومهاراتهم بما يتوافق مع تلك المستجدات. كما يتعين على القادة ومديري الموارد البشرية والتدريب توجيه العاملين لديهم بشكل مخطط وسليم على اكتساب العلم والمهارات والمعرفة الضرورية من خلال دعم التعلم والتدريب المستمر.
ونظراً لأن القطاع المصرفي يعد من أكثر القطاعات ديناميكية ويتأثر بشكل كبير بالتطورات التكنولوجية والأزمات الاقتصادية وتغير توجهات وتطلعات العملاء وغيرها من العوامل، فقد شهد هذا القطاع تطور كبير في آليات ونماذج العمل التي انعكست على طبيعة الوظائف والجدارات المطلوبة من شباب المصرفيين.
وإيماناً من المعهد المصرفي بأهمية تنمية قدرات ومهارات العاملين وحرصه على تطوير برامجه وأنشطته بشكل مستمر بما يتوافق مع أحدث المستجدات، فقد قام فريق عمل إدارة البحوث والتوعية بالمعهد بإعداد دراسة – هي الأولى في مصر – حول مستقبل الجدارات والمهارات في القطاع المصرفي تحت عنوان “The Future of Competencies and Skills – Egyptian Banking Sector Case“. وقد تناولت الدراسةأهم التطورات في الوظائف والمهارات عالمياً مع التركيز على تحليل رؤية القائمين على إدارة الموارد البشرية بالبنوك المصرية في هذا الشأن من خلال استقصاء رأي مفصل تم إرساله إلى مديري إدارات الموارد البشرية بكل البنوك المصرية؛ للتعرف على رؤيتهم وتقييمهم لمستقبل الوظائف والأدوار الجديدة والجدارات المستقبلية في القطاع المصرفي.
وقد قام الأستاذ/ عبد العزيز نصير، المدير التنفيذي للمعهد المصرفي بالإعلان عن نتائج وتوصيات الدراسة في ندوة تم تنظيمها يوم 17 نوفمبر 2020 بحضور ممثلي البنوك المصرية من مديري إدارات الموارد البشرية. وقد استعرض أ/ نصير خلال كلمته أهم نتائج وتوصيات الدراسة مسلطاً الضوء على احتياج القطاع المصرفي المستمر إلى الكوادر البشرية التي تتمتع بالمهارات المتنوعة والأداء المهني المتميز. كما شارك في الندوة كمتحدث الأستاذ الدكتور محمود الخطيب، أستاذ إدارة الموارد البشرية ورئيس قسم إدارة الأعمال السابق بكلية التجارة بجامعة حلوان، والذي ناقش أهم الكفاءات الخاصة بقادة البنوك والمتخصصين في مجال إدارة الموارد البشرية، والأستاذ/ مدحت المدني، مؤسس شركة “برومارك” لاستشارات الموارد البشرية والتطوير المؤسسي، والذي تطرق إلى مقتضيات عمل الموارد البشرية لمواكبة ما يمليه مستقبل العمل من التغيير في التصميم الوظيفي والكفاءات المطلوبة، وأيضاً حماية الصحة المؤسسية.