بقلم: محمد سمير – خبير التمويل العقارى والبنوك
يعتبر قطاع الاستثمار العقارى من القطاعات المؤثرة فى الاقتصاد المصرى بشكل قوى حيث تعتبر ثقافة تملك العقار لدى المصريين أحد الادوات المالية الاستثمارية الهامة بالمجتمع المصرى على مدار السنوات الماضية، حيث يعتبر المصريون أن العقار هو مخزن آمن للقيمة ضد اى تغييرات او تقلبات قد تلحق بالاقتصاد فى اى وقت كذلك زيادة اسعار العقار بشكل سنوى بمعدلات تتراوح ما بين 5-10% فى السوق المحلى نتيجة زيادة الطلب عن المعروض ادى الى ان المجتمع يثق فى مقولة ” ان العقار يمرض ولا يموت “.
وبالرغم من تعدد التشريعات بخصوص الملكية العقارية إلا انه حتى الان ما زال هناك بعض المعوقات التى تعترض تحويل الثروة العقارية الى أحد الموارد المالية الهامة التي تؤثر في إجمالي الناتج القومي المصري.
وتوالت الحكومات المتتالية على العمل على حل مشكلة الملكية العقارية نتيجة تعدد جهات الولاية على الأراضي فى مصر، الى أن صدر قانون التمويل العقارى رقم 148 لسنة 2001 للعمل على توفير تمويل للمواطن لتملك شراء عقار وأعتبر ان العقار هو الضمان الرئيسي للحصول على التمويل. لذا بدأ تعديل العديد من القوانين المتعلقة بالملكية العقارية وبدأت الحكومة والبنك المركزى المصرى العمل على تذليل العقبات لتشجيع المواطن على الاقبال على الحصول على تمويل لشراء عقار بدلاً من التعامل النقدى الشائع فى شراء العقارات فى المجتمع المصرى تماشياً مع سياسة الحكومة من التحول من المجتمع النقدي الى المجتمع اللانقدي.
وبدأ البنك المركزى فى عام 2014 بإصدار مبادرة التمويل العقارى لتمويل محدودى ومتوسطى الدخل بتوفير التمويل الطويل الأجل بعائد مدعم من قبل الدولة للحصول على تمويل لتملك عقار، من خلال منظومة التمويل العقارى التى تتيح تملك العقار لفترات زمنية تصل الى 20 عام بعائد مدعم يتراح ما بين 7 و8 % طبقاً للشريحة المستهدفة. كما اتاح تمويل المطوريين العقاريين بالقطاع الخاص لاستكمال المشروعات العقارية من خلال القطاع المصرفي.
كما قامت هيئة الرقابة المالية بتعديل الضوابط والتشريعات الخاصة بقانون التمويل العقارى وجعلها أكثر مرونة وسهولة من أجل تيسير الإجراءات، كذلك قامت وزارة الاسكان وصندوق الاسكان الاجتماعى بتنفيذ خطة سكنية لبناء مليون وحدة سكنية وتنفيذ مبادرة السيد رئيس الجمهورية لتوفير مسكن ملائم لكل المصريين من خلال منظومة التمويل العقارى التى تتيح برامج تمويل عقاري متنوعة لشراء أو بناء أو تشطيب وترميم وتحسين الوحدات السكنية والادارية والتجارية القائمة. فقام البنك المركزى بطرح الشريحة الاولى لمبادرة التمويل العقارى بقيمة 20 مليار جنيه، ثم قام فى عام 2019 بطرح الشريحة الثانية بقيمة 50 مليار جنيه للبنوك والشركات المشاركة فى المبادرة والتى وصل عددها حالياً الى 29 بنك و10 شركات.
وأصبح حلم تملك عقار بالتقسيط لمدة طويلة وعائد بسيط فى متناول المصريين أسوة بدول العالم التى تطبق منظومة التمويل العقاري، كذلك تم الاتجاه إلى التفكير فى تصدير العقار المصرى الى الخارج مع انشاء المدن الذكية وعاصمة إدارية جديدة لمصر تتبع أحدث الأساليب المعمارية والعالمية فى إنشاء المدن، نظراً لما يتميز به العقار المصرى من عوامل منافسة من توافر الأيدي العاملة والأراضي ورخص تكلفة الإنشاء مقارنة بدول أخرى.
كما قامت الحكومة بإصدار قوانين جاذبة لمنح الجنسية للاستثمار فى العقار للأجانب والمستثمريين الراغبين فى تملك عقار فى مصر، حيث يوجد أكثر من 8 مليون اجنبي من الممكن الاستفادة من منحهم الجنسية مقابل تملك عقار، مما يدر على خزينة الدولة مئات المليارات من الدولارات نظراً لتوفر كافة الخدمات التى تجذب راغبى الاقامة وشبكة طرق حديثة تمتد شرقاً وغرباً فى جميع انحاء مصر، وإعادة تأهيل البنية التحتية من مرافق وخدمات.
لذلك الاستثمار فى العقار المصرى الفترة القادمة هو الحصان الرابح للاقتصاد المصرى والمصريين والاجانب المقيميين، وبكل بساطة تستطيع أن تتجه إلى أحد جهات التمويل العقارى بالسوق المصرى للحصول على تمويل لشراء او تشطيب عقار، ويتم دراسة المستندات القانونية والهندسية للتحقق من أن العقار صالح للتمويل، ومن خلال مستندات إثبات الدخل وبرامج التمويل العقارى المتنوعة، ما بين تملك مسكن أو وحدة ساحلية أو مصيفيه أو تجارية. يتم دراسة الملف والحصول على الموافقة الائتمانية فى فترة زمنية قصيرة ولكن هناك بعض التحديات التى يجب العمل على حلها بالسوق العقاري. وأهمها الملكية العقارية وهذا ما فطنت له الحكومة فى الفترة الاخيرة وهي تعمل حالياً على توفيق اوضاع تراخيص البناء والاشتراطات المعمارية بكل محافظة. وكذلك الانتقال من نظام الشهر العقارى للأفراد إلى نظام السجل العينى عن طريق إعطاء رقم رمزى موحد لكل عقار يكون بمثابة شهادة ميلاد للعقار، لتمكين كافة الاطراف من التعامل على العقار بملكية واضحة لكل المتعاملين.
كذلك اتجهت إلى التعاون مع القطاع الخاص والمطوريين العقاريين والدخول فى شراكات مع كبار المطوريين لتنويع المنتج العقارى والعمل على تحقيق التوازن ما بين العرض والطلب وعدم الاقتصار على منتج عقارى معين يستهدف شريحة بعينها. وبدأت فى إنشاء مشروعات سكنية لمحدودى ومتوسطى الدخل فى مختلف محافظات الجمهورية، ويتبقى إصدار قانون ينظم الاستثمار العقارى وقانون اتحاد المطوريين وتقديم الدعم لأطراف المنظومة، والعمل على توحيد جهات الولاية على الأراضي من خلال هيئة مستقلة موحدة تتعامل على كافة اراضى الدولة، وكذلك تفعيل السوق الثانوى لتحويل عقود التمويل العقارى إلى أدوات وسندات مالية يتم التعامل عليها بالبيع والشراء للعمل على خفض تكلفة التمويل العقارى فى برامج التمويل العقارى الموجهة للافراد.