
الدكتور / أحمد حسني – مدير مراكز تطوير الأعمال – مبادرة رواد النيل
إذا ما تصدرت للكتابة أو المناقشة حول موضوع ما، فذلك يتعين عليك الإلمام بمهارات التواصل لإدارة الحوار وفن الكلام، وفي مقالنا هذا سنتعرض لبعض المفاهييم والمبادئ التي ستساعدك في الخروج بحوار هادف وفعال:

1–مبدأ حق بحق:
إذا كان لك “حق التعبير”، فإن للمتلقي عليك “حق الوضوح “، ذلك هو المبدأ الأول في مهارات التواصل وإدارة الحوار وفن الكلام، وهذا المبدأ يتطلب العلم ببعض المفاهييم والمصطلحات التالية:
- البلاغة: تعني؛ ” حسن البيان وقوة التأثير” ويقول الحكماء وفقهاء اللغة ” خير الكلام ما قل ودل ولم يمل”.
- الايجاز: قد يفهمها البعض “الاختصارا”، ولكننا نعني بالإيجاز “أن تقول ما تود أن تقوله في أقل محتوى لغوي ممكن“. لذا فمقياس هنا “التأثير وما يحمله اللفظ من معنى وليس قلة الكلمات”.
- الشمولية: فهي تعني “ أن يوفر حوارك أو النص المكتوب الاجابة على التساؤلات الأساسية التي تدور بذهن القارئ أو المتلقي”، وعليك أن تضع نفسك مكان المتلقي.
- التحديد والدقة: وذلك عند العرض والتحليل باستخدام النص المكتوب أو الحوار الجيد، تأتي بالبعد عن العموميات، واستخدام المعاني المحددة التي لا تثير لبسا أو غموضا لدى القارئ، وذلك بتقديم براهين وأدلة ثبوتية لكل ما تثيره من أمور في حوارك ومناقشاتك.
- اللفظة: فهي مادة التعبير، أو هي الجسر الذي تعبر عليه أفكار المتحدث إلى أعماق المتلقي لتحمل معها صورا وأفكارا، تترك في نفس المتلقي أثرا فيبادر باتخاذ سلوكا ما. إن مادة التعبير ( اللفظة) في ذاتها قد تكون في متناول كل انسان ولكن الصياغة الفنية هي التي تعطيها قيمتها وحياتها وأثر دلالاتها وإيحاءاتها.
- لغة الجسد: فإذا كان اختيار الكلمات مهم في إيصال الرسالة، تأتي على نفس الأهمية طريقة توصيل هذه الكلمات، وهي ما نقصد بها لغة الجسد والإشارة غير اللفظية.
لذا لابد أن تكون لدينا الدراية الكاملة لحركات الجسد وإيماءاته حتى نستطيع أن نفهم الآخرين وكذلك نوصل إليهم رسائلنا بشكل ايجابي، وتشير الدراسات إلى أن تأثير حوارك يتشكل على النحو التالي: 7% تأثير كلماتك فقط، 38% تأثير نبرة صوتك، 55% تأثير لغة جسدك.
2-نموذج مونرو في التسلسل المقنع:
عند إدارة حوار أو لقاء، عليك تحريك مستمعيك للقيام بفعل ما باستخدام سلسلة من الخطوات المحفزة، وأحد أكثر النماذج شهرة في تنظيم بنية الإلقاء المُحرك هو الذي قدمه (ألان مونرو) في الثلاثينيات (Alan Monroe) والذي يدعى “السلسلة المحفزة” “The motivated sequence.
وقد أشار مونرو إلى أن الإقناع يكون سهل التحقيق إذا استطاع المتكلم تحريك المستمع بشكل تعاقبي من خلال سلسلة من خمس خطوات:
أولا: أن يثير المتكلم انتباه مستمعيهم (attention): عليك أن تجذب انتباه المستمع بأسلوب مشجع، وأن تثير لديه إدراك شيء لم يكن يدركه لولا حديثك المثير للانتباه.
ثانيا: أن يؤسس المتكلم إلى الحاجة (need), بعد أن تمكنت من الاستحواذ على اهتمام المستمع، عليك أن تشعره بحاجته للتغيير (وهذه الخطوة هي مشابهة “للمشكلة وحلها“ وتحتاج إلى وضع خطة لتلبيتها”). وحين تعبر عن مشكلة بوضوح وطرح الأمثلة والأدلة المقنعة فإنك تخلق الإلحاح لحلها.
ثالثا: خطوة الرضا (satisfaction): أن اقتراح الحل نادراً ما يكون كافياً لإحداث التغيير، فبعد شعور المتلقي بالحاجة، عليك أن توضح كيف ستنجح خطتك عند تطبيقها.
رابعا: التخيل (visualization): وهو خطوة مونرو الرابعة, حاول أن تنتقل بالمستمع إلى المستقبل بحيث يمكنه تخيل نفسه مستمتع بالمميزات التي ستعود عليه تبنيه لخطتك.
خامسا: الفعل (action): وهي خطوة ترجمة الرغبة التي أثرتها في خطوة التخيل إلى فعل وواقع. واشرح باختصار الخطوات والإجراءات المطلوبة لوضع طلبه موضع التنفيذ.
وفي ضوء ماسبق عرضه نستخلص بعض النصائح للعاملين في مجال خدمة العملاء:
1-اعلم أن العميل سيقوم بتقييم حواره معك من خلال المحددات الستة التالية:
- الوقت: كيف ستوفر وقت العميل؟
لا يهتم عميلك بما إذا كان بنكك هو الأقدم في مجاله. فهو يرغب أن يعرف كيف ستوفر خدماتك وقت موظفيه وعملائه على المدى القصير، وكيف سينعكس الوقت الذي تم توفيره على المدى البعيد. لذا عبر عن المضمون بأقل الكلمات: ما قل ودل ولم يمل، البساطة في اختيار الكلمات
- المال: كيف ستوفر له المال؟
لا يهتم العميل بما إذا كان البنك الذي سيتعامل معه هو أكبر بنك في العالم، فهو يريد ألا يتكبد تكاليف إضافية، ويريد زيادة مبيعاته ومن ثم أرباحه.
- الراحة النفسية: كيف ستريحه نفسيا؟
لا يهم العميل إن كنت الأفضل في مجالك إلا إذا تمكنت من عرض الحلول الفعالة لمشاكله وإراحته من الضغوط التي يتعرض لها على الدوام. لذا إبعد عن ثقافة العشم: فقد يؤدي ذلك إلى ثقافة قلة الذوق، وتسلح بثقافة الاعتذار عند الخطأ، الشكر، الإستسماح
- الأمان: كيف ستوفر له الأمان وتشعره بأنك ستكون موجودا ومتاحا لخدمته على الدوام؟
فيجب أن يعرف العميل ما إذا كان استثماره معك أو مشاركته لك قرارا صائبا أم لا. لذا لا للتعميم: ابعد عن التعميم في ابداء الرأي ومن هذه الكلمات: كل الناس ….، ما فيش حد …، عدم …، لا يوجد ….، واستبدلها بكلمات: غالبا ….، بعض …..، أحيانا ….، نقص …..، ضعف …. احذر الدخول في حوار جدلي وحول حواراتك إلى نقاش: فعندما تجادل فأنت تبحث عن ذاتك، وعندما تناقش فأنت تبحث عن الحقيقة
- الاستمتاع: يريد العميل أن يتأكد من أن العمل معك سيكون تجربة ممتعة.
فحاول أن تصل بالإنصات إلى قلب المتكلم، لأنه إذا اكتشف أنك غير منصت له، ستتغير لغة الحوار معك (أنت لا تهتم بكلامي)، وراقب سلوكك الموجه بالمقاطعة: قد تفعل ذلك للتأكيد على أنك لا تقر ما تسمعه، لكن استمع حتى نهاية حديث المتكلم، ثم ابحث عن أرضية مشتركة في الحديث وابدأ بها تعقيبك، ثم تحول إلى النقطة التي لا تتفق عليها فهذا أفضل مدخل للحوار
- سهولة الاستخدام: كيف ستجعل حياة العميل وعمله أسهل؟ لا يحتاج تكنولوجيا معقدة. وحال أن تقلل من اللازمة: حاول أن تقلل من كلمات ترافقك دائما في الحوار (معايا، انت فاهم، تمام، …) فقد يكون الموضوع مهم جدا ولكن تكرار هذه الكلمة تؤثر في حجم المعرفة التي قدمتها فقد لا يتذكر المتلقي من حوار سوى الكلمة التي دائما تكررها (اللازمة).
2- و عليك أن تعرف كيف سيراك العميل و كيف يرسم صورتك في ذاكرته، سيفعل ذلك من خلال المحاور التالية:
