دكتور أحمد متولي- باحث مصرفي
بدأت مصر في التوجه نحو الاهتمام بهذا النوع من الاقتصاد كأحد السبل الهامة والرئيسية في خطط التنمية الشاملة، وذلك من خلال تنفيذ العديد من المشروعات التي تتناسب مع الأولويات الاقتصادية والبيئية للدولة، الاقتصاد الأخضر هو واحد من أهم الأدوات المتاحة لتحقيق التنمية المستدامة لأنه يؤدى الى تحسين حالة الرفاهية والانصاف الاجتماعي، مع العناية في الوقت نفسه بالحد من المخاطر البيئية.
وفى إطار حرص الدولة المصرية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتنفيذ رؤية مصر 2030 تم إطلاق استراتيجية مصر للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، حيث تستهدف أن تلتزم 30% من مشروعات الخطة الاستثمارية بمعايير الاستدامة البيئية وتنفيذ عديد من المشروعات الخضراء والتي بلغت 691 مشروعاً بأجمالي 447.3 مليار جنية، ويأتي ذلك لمواجهة المخاطر والتحديات المستقبلية التي تواجه مصر من التغيرات المناخية، والأمن الغذائي، وضمان الاستقرار الاقتصادي، والحفاظ على التنوع البيولوجي. وتتخذ مصر خطوات لدعم استثمارات انتقال الطاقة بجانب التوسع في المشروعات الخضراء مع شركات عالمية من خلال استراتيجية مصر والتي تهدف الى الانتقال الى الاقتصاد الأخضر، وتتميز محاور الاستراتيجية بشموليتها المبادرات القومية والإجراءات الإصلاحية والتي من أهمها الآتي:
الجدول (1) جانب من رحلة مصر نحو التحول الى الاقتصاد الأخضر
التاريخ | المبادرة | الوزارة / المؤسسة المالية |
9/2020 | إصدار الطرح الأول من ” السندات الخضراء ” الأولي من نوعها في شمال أفريقيا والشرق الأوسط لتنفيذ مشروعات خضراء في العديد من المجالات. | وزارة المالية |
4/2021 | تنفيذ المبادرة الرئاسية لإحلال المركبات المتقادمة بمركبات تعمل بالغاز الطبيعي ومنح حوافز مالية وتسهيلات ائتمانية | وزارة المالية |
1/2021 | إطلاق مشروع لاستبدال وسائل النقل القديمة بأخري حديثة تعمل بالغاز الطبيعي | وزارة النقل |
11/2021 | إطلاق مبادرة لتمويل التحول لاستخدام الوسائل الحديثة والذكية في ري الأراضي الزراعية | البنك المركزي المصري |
9/2021 | إطلاق دليل معايير الاستدامة البيئية لأول مره بالتعاون مع وزراه البيئة. | وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية |
5/2022 | وضع البعد البيئي ضمن شروط تمويل المشروعات الحديثة بحيث لا يتم تمويل آي مشروع يزيد من حدة التغيرات المناخية | القطاع المصرفي المصري |
11/2022 | تحول مستشفى شرم الشيخ الدولي لتصبح اول نموذج للمستشفيات الخضراء بمصر، وتنظيم واستضافة مؤتمر COP27 للمناخ | وزارة الصحة والسكان |
المصدر: مجلس الوزراء المصري، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، 2022
يعتبر تبني سياسات وآليات الاقتصاد الأخضر الحل الأمثل للحفاظ على البيئة ومواردها للأجيال المستقبلية بالإضافة الى الفرص التي يوفرها لتجنب مشكلات التغير المناخي، ويعتبر طريق آمن لمواجهة تغير المناخ، لذلك اهتمت بمصر بوضع تكاليف للمشروعات الخضراء في خطة العام المالي 2022/2023 بتكلفة 336 مليار جم موزعة على عدد من القطاعات كالآتي:
الشكل (1) تكلفة المشروعات الخضراء في خطة العام المالي 2022/2023 لمصر
المصدر: وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، 2022.
– قناة السويس تستثمر في التحول لقناة خضراء
350 ألف طن من الوقود الأخضر مستهدف إنتاجه سنويا في مصر بهدف تموين السفن بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث سيتم الاستثمار في قناة السويس وتحويلها الى قناة خضراء من خلال تشغيل محطات الارشاد بالطاقة المتجددة، تشغيل بعض مرافق الهيئة وأعمدة الانارة بها بالطاقة الشمسية، تحويل البحرية الخاصة بالهيئة للعمل بالغاز الطبيعي، تشجيع عملاء القناة على استخدام وقود صديق للبيئة، ودراسة تقديم حوافز للسفن التي تستخدم الغاز الطبيعي وتطبق معايير السلامة البيئية.
وقعت إدارة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وشركة H2 الألمانية المتخصصة في تخزين الطاقة مذكرة تفاهم في يونيو 2022 لتدشين أول مصنع من نوعه في العالم لتحويل المخلفات الى هيدروجين أخضر بقيمة استثمارية 4 مليار دولار وبطاقة إنتاجية 300 ألف طن سنويا من الهيدروجين الأخضر، وتم التوقيع على المذكرة بشكل نهائي خلال مؤتمر COP27 الذي تم عقدة بشرم الشيخ.
من المقرر إنشاء مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وسيكون عام 2026 هو عام الإنتاج الفعلي للمشروع وسيكون إجمالي حجم الإنتاج سنويا 2 مليون طن، و1.9 مليون طن هو حجم الإنتاج في المرحلة الأولي للمشروع، وسيكون 55 الف طن من الوقود الأخضر هي إنتاجية المشروع في المرحلة التجريبية، وقد تم التوقيع على 16 مذكرة تفاهم مع كبري الشركات العالمية بمجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، وسيقام المشروع على مرحلتين، المرحلة الأولي خلال الفترة من 2023 -2025 بتكلفة 710 مليون دولار، والمرحلة الثانية من 2025- 2029 بتكلفة 7.1 مليار دولار.
تم توقيع مذكرة تفاهم مع شركة ACME الهندية لإنشاء مصنع للوقود الأخضر وتعتبر واحدة من الشركات العالمية الرائدة في مجال الطاقة المستدامة والمتجددة، وسيكون 2.2 مليون طن هو إجمالي حجم الإنتاج سنويا، و100 ألف طن من الوقود الأخضر هي إنتاجية المشروع في المرحلة التجريبية.
– مصر نحو التحول إلى النقل الأخضر
تتوجه الدولة حاليا الى تعظيم نسب المشروعات الخضراء من إجمالي المشروعات التنموية التي تقوم بها الدولة، لذلك تتجه مصر الى التحول ايضا الى النقل الأخضر كأحد وأهم قنوات الاقتصاد الأخضر، وبالفعل قامت مصر بتنفيذ العديد من مشروعات النقل الأخضر، ومن أمثلة هذه المشاريع الهامة مشروع المونوريل: القيمة الاجمالية للمشروع 4.5 مليار دولار، القطار الكهربائي الخفيف، تطوير بنية السكك الحديدة، وإنتاج أول حافلة نقل جماعي صديقة للبيئة وفقاً للمعاير العالمية وتعمل بالغاز الطبيعي.
حققت مصر طفرة في استخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات في الفترة 2021-2022 وذلك من خلال 45% زيادة في عدد السيارات المحولة من يناير الى يوليو 2022 مقارنة بالفترة نفسها من 2021، 450 ألف سيارة تم تحويلها للعمل بالغاز الطبيعي حتى مايو 2022، 850 محطة لتموين السيارات بالغاز الطبيعي منذ بدء النشاط وحتى مايو 2022، أكثر من 20 ألف مواطن استفادوا من المبادرة الرئاسية لإحلال المركبات المتقادمة خلال عام 2021-2022.
– مصر تقود الدول العربية في مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر
يعتمد الهيدروجين الأخضر في إنتاجه على التحليل الكهربائي للماء باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، وبالتالي تهتم مصر بأن تقود الدول العربية لإنشاء مشروعات جديدة تعتمد على الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة، حيث تصدرت مصر الدول العربية وفقا وعدد المشروعات المعلنة لإنتاج الهيدروجين الأخضر حتى عام 2022
الشكل (2) عدد المشروعات المعلنة لإنتاج الهيدروجين الأخضر 2022
المصدر: الموقع الرسمي لأوابك، 2022
في عام 2021 كانت مصر ضمن أعلى 20 دولة في مؤشر جاذبية الدول للاستثمار في الطاقة المتجددة، ويقيم المؤشر جاهزية أهم 40 دولة في العالم من حيث جاذبيتها للاستثمار في الطاقة المتجددة وتطبيق تكنولوجيات توليدها، حيث احتلت مصر المركز 19 في أكتوبر 2021، مصر هي ثاني أكبر دولة في إنتاج الطاقة الشمسية في أفريقيا في 2020، والمركز الثالث في توليد طاقة الرياح 2021.
مصر ضمن الدول ذات التهديدات البيئية المنخفضة في مؤشر التهديدات البيئية لعام 2021، وهو مؤشر مركب من خمسة مؤشرات رئيسية وهي الكوارث الطبيعية، النمو السكاني السريع، مخاطر الغذاء، مخاطر المياه، والتفاوت في درجات الحرارة، ويهدف الى تقديم نظرة شاملة للتهديدات البيئية الى تواجه 178 دولة وقدراتها على مواجهتها، وكان ترتيب مصر 71 من بين 178 دولة.