بقلم: محمد سمير – خبير التمويل العقاري والبنوك
ونحن في بداية عام جديد اثير التساؤل في الآونة الأخيرة عن برامج التمويل العقاري الجديدة التي أتاحها قانون رقم 55 لعام 2014 بتعديل بعض احكام قانون التمويل العقاري رقم 148 لعام 2001 وخاصة برنامج الإجارة بعدما قام مؤخرا ً مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية بإصدار القرار رقم 12 لعام 2022 بشأن قواعد ومعايير ممارسة نشاط التمويل العقاري و الذى ” أتاح للممول بمنح التمويل بنسبة 100% من قيمة العقار في حالات التمويل بنظام الإجارة” بالرغم من بدء التعامل ببرنامج الإجارة منذ عام 2014 من خلال شركات التمويل العقاري والتي يبلغ عددها حوالى 15 شركة تمويل عقاري الا انه لم يتم التعامل به من خلال البنوك المصرية بالقطاع المصرفي تحت مظلة قانون التمويل العقاري إلا من خلال بنك واحد فقط خلال عام 2021 وذلك نتيجة أن قانون البنك المركزي رقم 194 لعام 2020 المادة 87 الفقرة هـ/2 تنص على ” يحظر على البنوك التعامل في العقار بالشراء او البيع او المقايضة وله استثناء بعض البنوك من هذا الحظر طبقاً لطبيعة نشاطها”.
لذا سوف نلقى الضوء على برنامج الإجارة وبيان مزاياه للقطاع المصرفي وآلية عمل البنوك به والذي سوف يكون الحصان الرابح لعام 2023 لنشاط التمويل العقاري داخل البنوك في ظل المتغيرات الأخيرة الخاصة ببرامج مبادرات التمويل العقاري.
ونبدأ اولاً بتعريف برنامج الإجارة وهو ” تأجير عقار إيجاراً منتهياً بتملك العقار في نهاية مدة الإجارة (ما لم يبدى المستثمر رغبته في عدم التملك خلال المدة المتفق عليها بالعقد)”.
ويبين التعريف انه لابد ان يتملك العقار البنك اولاً ثم يقوم بتأجيره الى العميل إيجاراً ينتهى بنقل ملكية العقار في نهاية مدة الإجارة وطبقاً لقانون البنك المركزي المادة المذكورة أعلاه يتم استثناء البنوك طبقاً لطبيعة نشاطها وبالتالي إذا كان البنك يمارس نشاط التمويل العقاري ويوجد به إدارة او قطاع متخصص وفريق عمل خاص بالتمويل العقاري فإنه يكون له الحق في تطبيق برنامج الإجارة تحت مظلة قانون التمويل العقاري وكذا له الحق في التعامل على العقار بالبيع او الشراء سواء كان سكنى او إداري او تجارى وبناءاً على ذلك شرفت بالحصول على اول موافقة من البنك المركزي المصري لإطلاق برنامج الإجارة من خلال البنك الذى اعمل به أواخر عام 2021 والعمل به تحت مظلة قانون التمويل العقاري ليكون البنك الرائد بالقطاع المصرفي المصري في بدء التعامل بهذا البرنامج.
وتكون مزاولة نشاط التمويل العقاري بنظام الإجارة من خلال عدة صور للتمويل أهمها شراء الممول للعقار (البنك) من المستثمر(العميل) او من غيره ثم تأجيره له بعقد إجارة ينتهي بتملك العقار المؤجر الى المستثمر (المستأجر) في نهاية مدة الإيجار او اثنائها وذلك من خلال الوعد بالاستئجار الذى يتقدم به العميل للبنك للحصول على تمويل، ويجوز شراء العقار من شخص طبيعي او شخص اعتباري ثم إعادة تأجيره الى نفس البائع بنظام الإجارة وفقاً لأحكام قانون التمويل العقاري ولائحته التنفيذية والضوابط الصادرة بهذا الشأن.
وتلك هي الصورة الشائعة في التعامل حيث تعتبر تلك الصورة هي المثلى للحصول على تمويل نقدي للعميل مقابل نقل ملكية عقاره للبنك ثم قيام البنك بتأجير العقار الى العميل مرة أخرى على ان تنتقل ملكية العقار للعميل مرة أخرى في نهاية مدة الإجارة.
ومزايا هذا البرنامج سرعة زيادة تمويل محافظ التمويل العقاري بالبنوك التي ستعمل به حيث يعتبر هذا النوع من التمويل مطلوب خلال الازمة الاقتصادي الحالية كما يعتبر سهل وسريع من حيث التسويق له بين قاعدة عملاء البنك حيث توجد شريحة كبيرة تمتلك عقارات من الممكن تسويق البرنامج لها بشرط ان يكون العقار يتوافق مع الشروط القانونية للملكية العقارية والتي تمكن البنك من الحصول على العقار باعتباره مالكاً للعقار ومؤجر في حال رغبة المستأجر في عدم استكمال مدة الإجارة حيث يتيح للبنك إعادة تأجير العقار مرة أخرى او بيع العقار كما يتيح للمستأجر استكمال او عدم استكمال المدة مقابل القيمة الايجارية الشهرية او الربع سنوية التي يسددها الى البنك طبقاً لما تم الاتفاق عليه في عقد الإجارة الموحد والمعتمد الصادر من هيئة الرقابة المالية ، كما يتيح البرنامج للعملاء تمويل نقدى سريع مقابل تملك عقار وتحويل الأصول العقارية غير المستغلة الى سيولة نقدية تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد المصري وتنشيط منظومة التمويل العقاري وعدم اعتماد البنوك على برنامج واحد فقط وهو برنامج مبادرة البنك المركزي للتمويل العقاري لتمويل محدودى ومتوسطي الدخل وإدخال برامج تمويل عقاري جديدة تستهدف شرائح مختلفة من العملاء لتنوع محفظة التمويل العقاري وزيادة معدلات الربحية وتوجه البنوك للتوسع في هذا النشاط الاقتصادي الهام.
كما يعتبر برنامج الإجارة برنامج تمويل عقاري تم تطبيقه في العديد من دول العالم ويطلق عليه Home Equity loan.
كذلك من مزايا هذا البرنامج للاقتصاد المصري انه سوف يقوم بزيادة نسب تسجيل العقار من خلال قوانين التسجيل بالشهر العقاري الجديدة التي اتاحتها الدولة واهمها قانون التسجيل العقاري الجديد رقم 9 لعام 2021 الذى يتيح تسجيل العقار في مدة زمنية أقصاها 37 يوم وحد اقصى لرسوم التسجيل لا تتعدى 4 الاف جنيه مما يزيد من حجم العقارات المسجلة وزيادة الثروة العقارية القانونية التي سوف تؤثر ايجاباً على منظومة التمويل العقاري حيث تشير بعض الإحصاءات والتقارير الى ان نسبة العقارات المسجلة بالسوق المصري لا تتعدى 5% من إجمالي عدد العقارات التي تقدر قيمتها في مصر بأكثر من 12 تريليون دولار ولا تساهم في الاقتصاد المصري وإجمالي الناتج القومي الا بنسب ضئيلة جداً مقارنة بدول العالم وهذا ما سوف نتناوله بالتفصيل في المقال القادم .