إعداد: منه محمود – باحث بالمعهد المصرفي المصري
شهد سعر الدولار في السوق غير الرسمية في مصر ارتفاعات متفاوتة خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى زيادة التوقعات بشأن سعر الدولار، مع تصاعد الضغوطات التي يواجهها الاقتصاد المصري. ويأتي ارتفاع سعر العملة الأمريكية في السوق الموازية نتيجة توقع المواطنين لاتجاهات سعر الصرف في السوق الرسمية ومتابعة حرب غزة وتأثيرها على المنطقة.
عوامل زيادة سعر الصرف في السوق الموازية:
أثار تأجيل صندوق النقد الدولي لمراجعة الاقتصاد المصري توقعات بأن قيمة العملة المصرية مقابل الدولار ستنخفض بعض الوقت، مما دفع المصريين إلى طلب شراء الدولار للاستفادة من الفارق المتوقع. و تستمر الأسعار في السوق الموازية في الارتفاع.
يضاف إلى ذلك نقص تحويلات المصريين في الخارج في الآونة الأخيرة، طبقاً لما تُظهره بيانات المركزي المصري (انخفضت بنسبة 30.8 بالمئة إلى 22.1 مليار دولار في 2022-2023).
من بين العوامل أيضاً، أزمة الاستيراد واضطرار بعض الشركات إلى سحب الدولار من السوق الموازية لعدم توافره.
توصلت مصر العام الماضي إلى اتفاقية قرض مع صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وحصلت فقط على 275 مليون دولار، وتحتاج مصر إلى اجتياز مراجعتين من قبل صندوق النقد الدولي قبل أن تتمكن من الحصول على الجزء المتبقي.
ويرجع تأخير مراجعة الصندوق للاقتصاد المصري إلى تأخر مصر في تنفيذ بعض الإجراءات ومنها زيادة مرونة سعر الصرف. ومع ذلك، صرحت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، إن الصندوق يدرس احتمالية زيادة برنامج قروضه لمصر، للتغلب على الصعوبات الاقتصادية الناتجة عن الحرب في غزة.
ومن المتوقع أن يخفض البنك المركزي المصري قيمة الجنيه إلى مستوى الـ 37 و39 مقابل الدولار خلال الفترة ما بين نهاية ديسمبر 2023 والربع الأول من 2024 بهدف زيادة مصادر الدخل بالعملة الأجنبية مثل التصدير والسياحة والاستثمار الأجنبي مع تخفيض الواردات غير الضرورية، وذلك يساعد في تقليل عجز الميزان التجاري الكبير لمصر وزيادة الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي.
في النهاية، حالة عدم الاستقرار الحالية في الاقتصاد المصري، دفعت العديد من المصريين لشراء الذهب وشراء الدولار الأمريكي لحفظ قيمة أموالهم. ولكن السعر الحالي للجنيه في السوق الموازية لا يعبر عن سعره الحقيقي، في وقت تسعر فيه مؤسسات عالمية الدولار مقابل 37 أو 38 جنيهاً، فيما تضيف السوق السوداء زيادة 20 بالمئة على هذا المعدل.
إذا تصورنا إن البنك المركزي المصري تبني نظام سعر صرف مرن بشكل دائم عن طريق التعويم الحر أو المدار أو حتى بربط العملة بسلة من العملات، سيساعد ذلك في القضاء على السوق السوداء، لأن المرونة تجعل الجنيه يتحرك وفقاً لتطورات السوق وبشكل فوري.
إن تضييق الفجوة مع السوق الموازي وإصدار شهادات الإيداع ذات العائد المرتفع يساعد على إعادة ما يصل إلى 10 مليارات دولار من السوق الموازي إلى القطاع المصرفي .ويساعد ذلك على تراكم احتياطيات العملات الأجنبية، والبدء في خفض عجز صافى الأصول الأجنبية في النظام المصرفي، وتعزيز الثقة في سعر الصرف المُدار. ومن المتوقع أن يتباطأ التضخم خلال الربع الأول من العام قبل أن يرتفع بالتزامن مع خفض العملة إلى مستويات 30% .من جانبها تسعى الحكومة إلى تخفيف وطأة أزمة العملة الحالية عن طريق توريق الإيرادات الدولارين؛ حيث من المتوقع أن يكون هذا هو الحل لأزمة نقص العملة وتوحيد سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية شريطة تفعيلها بطريقة اقتصادية مخصصة للوضع الحالي.