الدكتور / هشام حمزة – باحث مصرفي
إن من أهم عوامل استقرار الدول ورقي مجتمعاتها هو توفر السكن الملائم لجميع أفرادها، فالمسكن هو أحد متطلبات الاستقرار في حياة الإنسان وهو يأتي في تسلسل أهميته بعد الطعام والملبس بالنسبة للمتطلبات الحياتية او الضرورية.
وتمتلك مصر ثروة عقارية هائلة وفقا لأحدث الإحصائيات يصل حجمها إلى 10 تريليون جنيه، كما يبلغ عدد العقارات في مصر أكثر من 43 مليون عقار، بمتوسط 250 ألف جنيه للعقار.
كما يعد النشاط العقاري من الأنشطة الواعدة لتعدد الصناعات المرتبطة بهذا القطاع، إضافة إلى مساهمة القطاع في تحقيق معدلات نمو جيدة للاقتصاد، إذ يعتبر القطاع العقاري لاعب أساسي في كافة الأنشطة الاقتصادية بالاقتصاد المصري وذلك من خلال تعاظم نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي GDP، وتوفير فرص العمل (خاصة وأن النشاط العقاري من الأنشطة كثيفة العمالة) وبالتالي الحد من تفاقم مشكلة البطالة في مصر ، كذلك يعتبر القطاع العقاري لاعب أساسي بالنسبة للبورصة المصرية ، ولتوضيح مدي أهمية القطاع بالنسبة للاقتصاد المصري سوف يتم استخدام عدد من المؤشرات الاقتصادية لتوضيح الفكرة وتلك المؤشرات كالتالي :
أولا: – القطاع العقاري ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي GDP:
جدول يوضح مساهمة القطاع العقاري بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي | |||
السنة المالية | الناتج المحلي الإجمالي (القيمة بالتريليون جنيه) | مساهمة قطاع العقارات والتشييد والبناء في الناتج المحلي الاجمال (القيمة بالمليار جنيه) | نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي (%) |
2011-2012 | 1.713 | 223.9 | 13.1% |
2012-2013 | 1.924 | 256.6 | 13.3% |
2013-2014 | 2.205 | 295.8 | 13.4% |
2014-2015 | 2.473 | 3.566 | 14.4% |
2015-2016 | 2.674 | 4.253 | 15.9% |
2016-2017 | 3.602 | 6.121 | 17.0% |
2017-2018 | 4.563 | 7.658 | 16.8% |
2018-2019 | 5.444 | 9.277 | 17.0% |
2019-2020 | 5.879 | 10.795 | 18.4% |
2020-2021 | 6.336 | 12.069 | 19% |
2021-2022 | 7.457 | 13.839 | 18.6% |
مصدر الجدول- من إعداد الباحث اعتمادا على تقارير وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الناتج المحلي الإجمالي وفقاً للأنشطة الاقتصادية بالأسعار الجارية. |
ويتضح من الرسم البياني والجدول السابق زيادة مساهمة أنشطة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي من عام إلى عام آخر، فبعد أن كانت نسبة مساهمة أنشطة القطاع العقاري في حدود 13% من إجمالي الناتج المحلي المصري، بلغت عام 2021-2022 ما يقرب من 19% أي بزيادة قدرها تقريبا 5%.
ثانيا: القطاع العقاري ومساهمته في البورصة المصرية:
ويتم استخدام مؤشران والأول هو قيمة تداول القطاع العقاري بالنسبة لإجماليات السوق، والثاني هو رأس مال القطاع العقاري بالنسبة لرأس مال السوق وذلك عن الفترة من عام 2011 حتى عام 2022.
ثالثا: – مساهمة القطاع العقاري في سوق العمل:
لقياس مدي أهمية ووزن القطاع العقاري بالنسبة لسوق العمل تم استعراض بيانات النشرة السنوية المجمعة لبحوث القوى العاملة لأخر 10 سنوات وتبين من ذلك الاستعراض التالي:
السنوات | اجمالي العمالة بالمليون | العمالة في القطاع العقاري بالمليون | نسبة العمالة في القطاع العقاري الى اجمالي العمالة % |
2013 | 23.9 | 2.753 | 11.52 |
2014 | 24.3 | 2.773 | 11.41 |
2015 | 25 | 3.042 | 12.17 |
2016 | 25.3 | 3.045 | 12.04 |
2017 | 26 | 3.397 | 13.07 |
2018 | 26 | 3.293 | 12.67 |
2019 | 26.1 | 3.615 | 13.85 |
2020 | 26.2 | 3.568 | 13.62 |
2021 | 27.1 | 3.791 | 13.99 |
المصدر. من اعداد الباحث اعتمادا على النشرة السنوية المجمعة لبحوث القوى العاملة |
يتضح من الجدول والرسم البياني أن القطاع العقاري يشغل النسبة العظمي من حجم العمالة في مصر خلال اخر 10 سنوات إذ بلغت عام 2022 حوالي 14% من قوة العمل في مصر، هذا وفي حالة إضافة بقية القطاعات التشغيلية ذات الروابط المباشرة مع القطاع العقاري مثل الإمداد المائي، الكهرباء، الغاز، الصرف الصحي وشبكات الهاتف سوف تتخطي النسبة الـ 25%.
الدولة المصرية من 2014 حتى 2023:
أخذت الدولة المصرية على عاتقها أن يكون التوسع في إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، هي بالأساس خطة اقتصادية من أجل التنمية الاقتصادية، وقد نفذت الدولة مشروعات بالشراكة مع القطاع الخاص (67 مطورا) على مساحة 13 ألف فدان بمدن الجيل الرابع، بقيمة استثمارات بلغت أكثر من 1.1 تريليون جنيه، بلغت حصة الدولة من تلك الاستثمارات 311 مليار جنيه، وقد وفرت تلك المشروعات نحو 200 ألف فرصة عمل، ، وبلغ إجمالي عدد الوحدات السكنية التي تم توفيرها من عام 2014 : 2022، حوالي 2.8 مليون وحدة سكنية، وفرت الدولة منها 1.2 مليون وحدة ووفر القطاع الخاص 1.6 مليون وحدة، بما نسبته 57 ٪ ، وقد حققت مصر طفرة حقيقية في خدمة الثروة العقارية ، فعلي سبيل المثال في عام 2014 كان ترتيب مصر في البنية التحتية على مستوى العالم 125، والآن أصبح الترتيب الـ 52 على مستوي العالم ومن أجل تحقيق تلك الأرقام، تم ضخ استثمارات ضخمة في مشروعات البنية التحتية، كما أن هذه الأرقام تعطى مؤشرات إيجابية للاستثمار في مصر، وتعمل على جذب المستثمرين.
التحديات الراهنة أمام تعظيم العائد من الثروة العقارية:
إن التزام الحكومــة ومــا حققتــه حتــى الآن قــد أثبــت بالفعــل قدرتهــا واســتعدادها لمواجهــة عــدد كبيــر مــن التحديــات الصعبــة. كمــا أن السياســات والبرامــج والمشــاريع المتســقة التي تنفذهــا الحكومــة تعمــل معــا كعامــل محفــز لدفــع معدلات مرتفعــة ومســتدامة للنمــو الاقتصادي ووضــع مصــر علــى طريــق يــؤدى في نهايــة المطــاف إلــى تحســن ملمــوس طــال انتظاره في مســتوى معيشــة المواطنيــن، لكن يظل هناك عدد من التحديات التي يجب مواجهتها لتعزيز الاستفادة من الثروة العقارية المصرية اوضحها فيما يلي:
- القدرة على تحمل تكاليف امتلاك المسكن بالنسبة للغالبية من المصريين مقيدة بعض الشيء نتيجة لنقص تطور نظام تمويل الإسكان، فحتي الان لم يقدم القطاع المصرفي وشركات التمويل العقاري الكثير على الرغم من قيام البنك المركزي بعدة مبادرات عن طريق البنوك التجارية سواء المملوكة للدولة او القطاع الخاص وتقديم قدر لا بأس به من القروض.
- تراجع نسبة العقارات المسجلة، حيث إن نسبة العقارات المسجلة 15% فقط إجمالي العقارات في مصر، وتعتبر تلك المشكلة واحدة من اهم أسباب تدني جم التمويل العقاري.
- وجود نسبة كبيرة من العقارات مخالفة لقواعد البناء، وهو ما يحول دون تسجيلها، حيث تشير الإحصاءات إلى ارتفاع معدلات مخالفات البناء في مصر، فمن يناير 2000 حتى سبتمبر 2017 بلغ عدد المباني المخالفة لقواعد البناء على مستوي المحافظات 2 مليون و878 ألفا و808 مباني وقد صدر ضد العديد منها قرارات بالإزالة تم تنفيذ جزء منها ولا زال الباقي قيد التنفيذ.
- التعديات بالبناء على الأراضي الزراعية من 25 يناير 2011 حتى يناير 2018، بلغت مليونًا و824 ألف حالة تعد بإجمالي مساحة تصل إلى 81 ألفا و200 فدان، وقد تم إزالة الجزء الأعظم من تلك التعديات.
- لا تزال مصر بعيده كثيراً عن دول العالم في مجال تصدير العقارات، بالرغم من أن لدينا حجما كبيرا جدا من العقارات على مستوى عال ومتطور، ولكن بسبب نقص الترويج لها، وأسباب أخري مثل مشكلة الإقامة يضيع على مصر مصدرا هاماً للعملة الحرة.
سبل التطوير المقترحة والفرص المتاحة أمام القطاع العقاري المصري:
- تبسيط إجراءات التمويل العقاري قدر المستطاع للعمل على تحقيق الخطة الطموحة للبنك المركزي المصري لتوفير السكن المناسب لمحدودي ومتوسطي الدخل بما يتفق مع توجهات الدولة خلال المرحلة الحالية.
- تخفيض إجراءات تسجيل العقارات، وكذلك خفض رسوم التسجيل وذلك تيسيرًا وتشجيعا للمواطنين.
- الاهتمام بملف تصدير العقارات وتحويل مصر إلى وجهة للاستثمار الدولي، اذ يعتبر السوق المصري واحد من أفضل الأسواق الجاذب للعملاء نتيجة انخفاض تكلفة المعيشة بالنسبة للدول الأخرى، ويعتبر الاهتمام بتنمية البنية التحتية ركيزة أساسية لدعم تصدير العقار، كذلك إيجاد حلول جذرية لمشكلة الإقامة، خاصة وإن حجم صناعة تصدير العقار بالعالم تقدر بـ 2 تريليون دولار سنوياً، أيضا تفعيل سبل الترويج الحقيقية على ارض الواقع، مع توفير كافة الضمانات لأطراف التعامل بالإضافة الى تفعيل الدور الرقابي للجهات المسئولة ،وأخيرا وليس اخرا التركيز على التنمية السياحية.
- تعزيز فرص القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات البنية التحتية ليكون القطاع الخاص لاعب أساسي في التنمية الاقتصادية.
- مواكبة البنوك المصرية للتطورات الحالية في السوق العقاري ويتم ذلك عن طريق توفير أدوات جديدة تهدف إلى تحويل آمال الغد في امتلاك وحده سكنيه مناسبة إلى طموحات ممكنة التحقيق.